التكيف القانوني

 

يعتبر التكييف القانوني من أهم الأمور التي تبني وقائع الجرائم بحيث يستبين للمطلع نوع الجريمة التي يتم نسبتها للمتهم ومن ثم إسناد مواد العقاب اللازمة على ضوء التكييف القانوني الذي حمله الوصف المنسوب للمتهم في قرار الاتهام ولا يقتصر ذلك عند قرار الاتهام وحسب بل أن الحكم الصادر في التهمة والوقائع التي يتضمنها قرار الاتهام لا يستطيع أن يقرر العقوبة اللازمة أو عدم تقريرها والحكم بالبراءة ما لم يكن هو قد كيف الواقعة التكييف الصحيح فالأحكام وفي حال الخطأ في ما توصلت إليه فإن ما يعتريها هو عدم استطاعة القاضي أن يكيف الواقعة تكييفاً صحيحاً ومن هنا يبرز الدور الهام للتكييف القانوني للفعل الذي اقترفه الشخص من ناحية رسم الحدود الفاصلة بين الجرائم المختلفة فجرائم القتل تتشابه من ناحية النتيجة وهي إزهاق الروح كذلك جرائم الأموال -السرقة- النصب- خيانة الأمانة تشترك في أنها تقع على مال منقول مملوك للغوقوعها من موظفين عموميين كذلك جرائم العرض تشترك في أنها تقع على إنسان سواء أكان ذكراً أم أنثى كما تتجلى تلك الخطورة أيضاً في أن الأمر لا يقتصر على مجرد مخالفة في التكييف بل إن الأخذ بتكييف معين إنما يستتبع نتائج قانونية هامة بعضها إجرائي تتعلق بطرق الطعن في الأحكام وقواعد الاختصاص وتقادم الدعوى العمومية والبعض الآخر ذو طبيعة موضوعية تتعلق بتحديد أحكام الشروع والاشتراك والعود ورد الاعتبار وغير ذلك من النتائج الأخرى ومن ثم فإن التكييف يثير العديد من المشاكل والصعوبات سواء في قانون العقوبات أو في إطار قانون الإجراءات الجنائية إذ يمثل تكييف الجريمة أو الواقعة إحدى مراحل الفصل في الدعوى الجنائية وإصدار الحكم فيها. وفي نطاق القانون الجنائي وبفضل مبدأ الشرعية تستبق سلطة الاتهام القاضي بتحديد التكييف القانوني للجريمة التي اقترفها المتهم بحيث يستقبلها القاضي تحت تكييف قانوني معين وقد منح كل من قانون الإجراءات الجنائية المصري المادة (308) والفرنسي المادة (351) والإيطالي الجديد المادة (521) المحكمة الجنائية سلطة تكييف الواقعة المطروحة عليها والتي سبق تكييفها من سلطة الاتهام وكذلك القانون اليمني في مادته (366) إجراءات التي تنص (للمحكمة أن تعدل في حكمها الوصف القانوني للفعل المسند إلى المتهم ولها أيضاً إصلاح كل خطأ مادي وتدارك كل سهو في صحيفة الاتهام أو ورقة التكليف بالحضور وعلى المحكمة في جميع الأحوال أن تنبه المتهم إلى هذا التعديل وأن تمنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناءً على هذا الوصف والتعديل الجديد إذا طلب ذلك). ولكن من أدق المسائل التي تعرض دائماً العمل وتطرح على بساط البحث تعرف مدى سلطة المحكمة الجنائية في التكييف عند نظرها للواقعة المعروضة عليها ومتى تعتبر أنها قد تعدت حدودها إذ أن القانون قد قيد سلطتها في التكييف بحدود عينية وأخرى شخصية فالاتهام لا يعدو كونه ادعاء قابلاً للبحث والتحقيق وقد يكشف هذا البحث وذلك التحقيق عن وقائع جديدة أو متهمين جدد أو ظروف جديدة لاصقة بالواقعة المطروحة أمام القاضي وعندئذ يثور التساؤل لمعرفة موقف المحكمة وحقوقها إزاء ما جد أمامها وكشف عنه التحقيق فإذا ما طرحت الواقعة أو الجريمة على القاضي الجنائي طرحاً صحيحاً واستقامت أمامه تعين عليه أن يفصل فيها بحكم يرس فيه حكم القانون ولكن كيف يصل القاضي إلى ذلك؟ إنه عن طريق التكييف ومن ثم يعد التكييف القانوني للجريمة أو الواقعة بمثابة دعامة من دعامات القضاء. فهو العمود الفقري في الحكم الجنائي بصفة خاصة وجوهر العمل القضائي بصفة عامة وبالتالي اكتسب التكييف أهمية بالغة في القانون الجنائي بدءاً من طرح الجريمة أو الواقعة على سلطة الاتهام ثم إحالتها إلى قضاء الحكم ليفصل فيها إذا ما دخلت حوزته إلى أن تصل إلى محكمة القانون لكي تقول كلمة القانون الفاصلة والحاسمة في ذلك التكييف كما اكتسب التكييف أهمية بالغة أيضاً إذ أن الخطأ فيه قد يؤدي إما إلى إعلان الجريمة في الواقعة. حيث لا جريمة فيه أو العكس وذلك حين يمسك القاضي بعلاقة كاذبة بين الواقعة وإحدى القوالب الإجرامية حيث لا ترتبط الواقعة كما أثبتها الحكم بأي قالب إجرامي في القانون. فتتحتم البراءة انصياعاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبة وإما إلى إعلان الجريمة في الواقعة مع أنها تتطابق مع القالب الإجرامي لجريمة أخرى وهذا ينجم عن الفهم الخاطئ للمفهوم المجرد للقوالب الإجرامية والذي ينعكس بطريقة غير مباشرة على استخلاص القاضي للخصائص القانونية للواقعة وتدور في فلك المادة (366) إجراءات يمني المواد (32) و (33) و (34) و (35) إجراءات بشأن تصدي المحكمة المنظورة أمامها الدعوى سواء كانت المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية أو الدائرة المختصة بالمحكمة العليا للنقض والإقرار. < المراجع: - د/ محمد زكي أبو عامر- شائبة الخطأ في الحكم الجنائي. - د/ محمود البقلاوي- التكييف في المواد الجنائية. ير- كذلك أيضاً جرائم المال العام تتشابه من ناحية

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني