الإستخلاص السائغ للدليل في القضاء اليمني

  •  *الإستخلاص السائغ للدليل في القضاء اليمني*

  • *أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
  • *الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
  • https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/04/blog-post_34.html
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

  • ▪️
  • تقدير الدليل مسألة موضوعية تختص به محكمة الموضوع، بيد أن سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الدليل وتقديره ليست مطلقة ، إذ ينبغي أن يكون إستخلاص محكمة الموضوع للدليل سائغاً مقبولا من الناحية القانونية والواقعية، فلا يكون الإستخلاص سائغاً الا اذا كان للدليل اصل واساس في أوراق القضية التي تثبت ان الخصم قدم الدليل وتمسك به، فإستخلاص دليل لم يرد ذكره في أوراق القضية يخل بحياد القاضي، فضلا عن ان ذلك يعد قضاءا بعلم القاضي وذلك يخل بالمبادئ الحاكمة للتقاضي إضافة إلى أن ذلك عيب في تسبيب الحكم ، وعلى هذا الأساس فإن رقابة المحكمة العليا تمتد إلى هذه المسألة للتأكد من أن محكمة الموضوع قد استخلصت الدليل بطريقة مشروعة وسائغة أي موافقة للواقع والقانون، لأن ذلك من المسائل القانونية التي تراقب المحكمة العليا إلتزام محاكم الموضوع بها، باعتبار المحكمة العليا محكمة قانون، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-2-2018م في الطعن رقم (59143)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي لم يخل من شائبة القصور في التسبيب جزئياً، حين لم يبين الأساس والمرجع الذي اعتمده في إحتساب المبلغ المضاف إلى المبلغ الذي توصل إليه المحاسب القانوني، فلم يرد في الحكم أي توضيح أو تفصيل حتى تستقيم شروط التسبيب ويظهر المعيار أو المرجع الذي اعتمد الحكم عليه حين قدر المبلغ المضاف وحكم به سوى القول: أن المحكمة ستقدر المبلغ بما يطمئن إليه ضميرها، وصحيح أن تقدير الدليل هو من مسائل الواقع وهو ما تختص به محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون الإستخلاص سائغاً، لأن سلامة إستخلاص الدليل تخضع للتعقيب من المحكمة العليا، فذلك متعلق بمسألة من مسائل القانون، مما يتعين معه نقض الحكم جزئياً فيما يتعلق بالمبلغ المضاف))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
  • *▪️
  • الوجه الأول: معنى الإستخلاص السائغ للدليل:*
  •  ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

  • ▪️
  • الإستخلاص السائغ للدليل: هو الإسخلاص المقبول أو الموافق والمنسجم مع القانون والواقع والمنطق، فعند قيام القاضي بإعداد مسوّدة الحكم يقوم بدراسة أوراق القضية للوقوف على وقائع النزاع والادلة المقدمة من الخصوم وكذا يقوم القاضي بالرجوع إلى القوانين الموضوعية والإجرائية ذات الصلة بالقضية، ومن خلال ذلك يقوم  القاضي عند إعداد مسودة الحكم بتلخيص وقائع القضية وأدلة إثباتها أو نفيها بحسب ما أوردها الخصوم، وخلال ذلك يقوم القاضي بمناقشة الأدلة والموازنة والترجيح بينها، فإستخلاص القاضي للدليل يجب أن يكون له أصل في أوراق القضية وأن يكون مطروحاً أمام المحكمة سواءً من قبل الخصوم أو الخبراء، فلا يجوز للقاضي أن يستخلص من خبرته الشخصية أو علمه الشخصي دليلا، حتى لو كان إستخلاص القاضي صحيحاً، لأن ذلك يخل بحياد القاضي (تسبيب الأحكام المدنية، د. ايمن السيد عبد اللطيف، 182). 
  • ولذلك فقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قضى  بنقض الحكم الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي، لأن القاضي الابتدائي أضاف مبلغا إضافيا إلى المبلغ الذي توصل إليه المحاسب القانوني من غير أن يكون لإضافة هذا المبلغ أساس أو دليل في أوراق القضية، فقد اكتفى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي بالقول:  أن المحكمة تطمئن نفسها إلى إضافة ذلك المبلغ. 
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
  • *▪️
  • الوجه الثاني: رقابة المحكمة العليا على إستخلاص الحكم للدليل:*
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

  • ▪️
  • سبقت الإشارة إلى أنه من المقرر فقهاً وقضاءً أن تقدير الدليل يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، لأنها الأقرب إلى تحقيق الدليل وتمحيصه وبناء قناعتها عليه، بيد أن سلطة محكمة الموضوع في إستخلاص الدليل ليست مطلقة، فيجب أن يكون للدليل الذي تستخلصه محكمة الموضوع له أصل في الأوراق بأن يقدمه الخصم ويتمسك به أو يكون مقدماً من الخبراء وان يكون ذلك ثابتا في أوراق القضية ، فرقابة المحكمة العليا تمتد إلى هذه المسألة، لأنها مسألة قانونية، فقانون المرافعات اشترط في المادة (231) أن يكون لأسباب الحكم أصل في أوراق القضية ، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد اشار إلى أن إضافة المبلغ ليس له أساس أو اصل في الأوراق . 
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
  • *▪️
  • الوجه الثالث: الإستخلاص السائغ للدليل وعلاقته بتسبيب الحكم:*
  • ▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

  • ▪️
  • اشار الحكم محل تعليقنا إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي قد شابه قصور في التسبيب حينما اضاف مبلغاً إلى المبلغ الذي توصل إليه الخبير العدل (المحاسب القانوني) وأن إضافة المبلغ ليس له أساس أو أصل في أوراق القضية وأن ذلك يعد قصوراً في التسبيب، لأن الإستخلاص السائغ للدليل عند تسبيب الحكم يقتضي أن يكون ما ورد في أسباب الحكم منسجماً ومتسقاً مع ما ورد في أوراق القضية ومع وقائع القضية، ولذلك فإن إستخلاص دليل لا أصل له في أوراق القضية يفضي إلى التناقض والتنافر وعدم الإنسجام بين ما ورد في أسباب الحكم وأوراق القضية ، وهذا يؤدي إلى التناقض بين أسباب الحكم وأوراق القضية، والتناقض عيب في تسبيب الحكم حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.
  • https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني