لا يجوز للقاضي ان يفزع الشهود ولا ان يسخر منهم

 ♦️لا يجوز للقاضي ان يفزع الشهود ولا ان يسخر منهم♦️

--------------------------------

القاضي مازن امين الشيباني 

--------------------------------

رابط القناة على تليجرام

https://t.me/mazenshaibany

--------------------------------

رابط القناة على وتس آب

https://whatsapp.com/channel/0029VaIo4AuKGGGAtMv2Nw1y

--------------------------------  

 الشاهد يجب اكرامه واحترامه مهما كان شكله او مهنته او صورة الملابس التي يرتديها 


الشهود تستخرج بهم الحقوق وترفع بهم المظالم وهم اعين القاضي الذين يبصرونه بما دار خارج مجلس قضائه ويجعلونه يراه رأي العين


وللأسف قد يحدث من بعض القضاة او من بعض اعضاء النيابة ان يتعاملون مع الشاهد بطريقة تفزعه وتصيبه بالخوف 


يفزعونه من صراخهم ومن ملامحهم  حين يستنطقوه وحين يسمعوا شهادته، ما يجعل الشاهد يتلخبط ويقلب الشرق غرب والغرب شمال لدرجة ان بعضهم ينسى من خوفه على ماذا جاء يشهد وذلك بسبب التعنيف الذي يجده من القاضي


الشاهد قد يكون لأول مرة يحضر امام المحكمة او النيابة 


بعض الناس بمجرد ان يسمع كلمة (محكمة) او كلمة (نيابة) وانه مطلوب منه يحضر  يرتعد خوفا ويقضي ليلته سهران طول الليل ايش يقول وكيف يتكلم، وماذا سيحدث لو نسي كلمة؟


وما ان يحضر ويجد تعنيف او سخرية يقول ليتني لم احضر 



 ولذلك يجب على القاضي او عضو النيابة عند سماع شهادة الشاهد واستنطاقه ان يراعوا عدة جوانب هامة في طريقة تعاملهم مع الشاهد واهم هذه الواجبات  ان تكون المحكمة هي اول من يحترم الشاهد وتتعامل معه بلين ولطف

لا ان تتعامل معهم بتعنيف 


يجب على القاضي ان يفهم  ان الشاهد لا يعرف احكام القانون ولا يفهم اهمية الكلمات والعبارات التي يدلي بها والمعاني التي تنصرف اليها ولا يعرف ماهو المهم في الشهادة ليقوله ولا ماهو غير المهم او غير المؤثر كي يسكت عنه، 


الشاهد قد يكون فلاحا مزارعا وقد يكون يكون سائق باص او سائق دراجة نارية او مقوت او مهندس ميكنيكي يحضر الى المحكمة ليشهد والسواد يملأ ملابسه ويديه وسائر بدنه، 


لم يدخل محكمة ولا نيابة من قبل، واول مرة يقف امام قاضي وامام منصة المحكمة وفي صدره رهبة من هيبة المحكمة 


لا يفهم القانون ولا يفهم طبيعة الاجراءات 


فما ان يقف امام القاضي فيجب على القاضي ان يكون واسع الصدر وان يتخاطب مع الشاهد بلطف ولين ويكسر حاجز الرهبة الذي يملأ صدره حتى يسهل على القاضي نفسه ان يصل الى اعماق الشاهد ويعرف الحقيقة من كلماته التي يدلي بها 


احيانا الشاهد يقول عبارة تحمل عدة معاني، فيقوم القاضي يضرب المنصة  وينظر للشاهد بنظرات صارمة ويصيح في وجه الشاهد حتى ان الشاهد يجف ريقه


مثلا يقول الشاهد (اشهد لله ان موضع كذا ملك فلان يحده من اعلا بيت فلان) والقاضي يضرب المنصة بيده ويصيح بملامح صارمة ويقول للشاهد:-  ما في عندي من اعلا بيت فلان، كيف يعني من اعلا، ويطلب منه ام يوضح والا بحبسك


والشاهد مجرد ان يسمع كلمة الحبس يرتبك ويتلعثم ويرجع يقول اقصد من اسفل يحده بيت فلان، 

والقاضي يصيح اكثر:- اها ... انت قبل قليل قلت ان بيت فلان من اعلا  والان رجعتها من اسفل، انت شاهد زور، وبحولك النيابة ....الخ، ويشخط وينخط، والشاهد يحمر ويصفر وينشف ريقه وماعاد يعرف يتكلم 



والقصة كلها ان الشاهد لم يفهم ما يريده القاضي، لو قال له، ما تقصد من اعلا هل شرق او غرب او جنوب، سيفهم الشاهد ما يريده القاضي وسيرد بكل بساطة 


ذات مرة سألت شاهدا 


هل تربطك صلة قرابة بأحد الاطراف؟

قال نعم؟

قلت ما يقربوا لك؟

قال:-  هم قريبين مني

قلت:- كيف يعني؟

قال:- نصلي انا وهم بمسجد واحد!!


فهم القرابة بانها القرب الجغرافي ولم يفهم انها صلة القربى 


على القاضي ان يتعامل مع الشاهد تعامل مختلف عن تعامله مع الخصوم


عليك ان تفهم ان هذا الذي يقف امامك مجرد شاهد جاء ليبرئ ذمته ويعينك بنفس الوقت

ترك عمله 

وترك منزله

وبذل جهد وعناء ليحضر الى المحكمة ليعين المحكمة في الوصول الى الحقيقة


من جهة اخرى لا يجوز للمحكمة ان تسخر من الشهود لأي سبب كان، لا يجوز السخرية من اسمه ولا من لقبه ولا من مهنته ولا من شكله ولا  بسبب طريقة وقوفه امام المحكمة او لاي سبب آخر


احيانا الشاهد قد يستخدم الفاظ عامية بامتياز، فاذا استخدم مصطلحات عامية تماما فلا يجوز للمحكمة ان تسخر منه وان تطلب منه يتكلم بلغة مختلفة، الشاهد يتكلم بلغته والمحكمة تدونها بلغة قضائية تحمل نفس المعنى الذي يقصده الشاهد، 


لا يجوز للقاضي ان ينظر للخصوم ويقول لهم بسخرية امام الشاهد:- 


ما هذا الشاهد الذي احضرتوه؟ شاهد لا يفهم وينعته بكلمات (شاهد اهبل- شاهد غبي- شاهد ما يفهم- شاهد خواف- شاهد جبان...الخ)


هذا عيب بحق المحكمة 


اذا كانت المحكمة نفسها لا تحترم الشاهد فلا يجوز ان نعاقب الخصم الذي يتجنى على الشاهد، فالمحكمة قدوته وهو يقلد المحكمة 


ولذلك فان اثارة الخوف لدى الشاهد او السخرية منه وجرح مشاعره يعتبر من طرق التأثير على الشاهد التي جرمها القانون 


ولا يجوز ان تكون المحكمة هي من يؤثر على الشاهد


قانون العقوبات جرم محاولة التأثير على الشاهد في نص المادة ١٨١ من قانون الجرائم والعقوبات حيث يقول النص *(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة كل من استعمل القوة او التهديد او عرض عطية او مزية من اي نوع او وعد بشيء من ذلك لحمل اخر على عدم اداء الشهادة او على الشهادة زورا ولم يبلغ مقصده ويسرى ذلك بالنسبة للخبير او المترجم)*


واما وجوب احترام الشهود فقد اكدها المشرع بنص المادة ٣٥٦ من قانون الاجراءات الجزائية اذ يقول النص *(..ويجب على المحكمة ان تمنع توجيه اسئلة الى الشهود ليست لها علاقة بالقضية ولا فائدة فيها او اذا كانت فيها محاولة للتاثير على الشهود او الايحاء اليهم وان تحميهم من العبارات والتعليمات والارشادات ومن كل محاولة اخرى يحتمل ان ترهبهم او تشوش عليهم كما عليها ان تمنع توجيه اي سؤال ذي طبيعة فاضحة او مؤذية للشعور الا اذا كانت الاسئلة المذكورة تنصب مباشرة على وقائع جوهرية)*


والصراخ من القاضي بوجه الشاهد وتهديده بالحبس ونعته باوصاف غير لائقة هو ترهيب لا يجوز ان تكون المحكمة هي من يقترفه 


واحيانا قد تكون الشهادة غير منتجة وغير مؤثرة وهنا لا يجوز ان تقرر المحكمة احالة الشاهد الى النيابة العامة للتحقيق معه بشهادة الزور حتى لو كانت تؤمن ان شهادته كاذبة


 لأن شهادته غير منتجة ومجهولة، اصلا، فأي شهادة زور تريد ان تحققها؟!

مثلا يحضر الشاهد يشهد انه شاهد شخص لا يعرفه يقوم باطلاق النار على شخص اخر لا يعرفه كذلك وانه شاهد ذلك مروره بسيارته في الخط العام ولا يعرف اسم المنطقة التي وقعت بها الجريمة كونه من ابناء محافظة اخرى 


ويعرض عليه المتهمين ليتعرف على من اطلق النار فيرد انه لا يستطيع التعرف عليه 


فيقرر القاضي احالته للنيابة للتحقيق معه بجريمة شهادة الزور !!!



اي شهادة زور والشهادة كلها على بعضها ليست منتجة ولا تقر حقا ولا تنفيه!


حتى لو كان القاضي يؤمن ان الشهادة كاذبة، مادامت انها غير منتجة ولا تفيد طرف ولا تضر آخر فلا يجوز ان تقرر احالته للتحقيق معه بجريمة شهادة الزور، فهذه طريقة تدفعه للكذب، القاضي ليس طرف في الخصومة بحيث يجعل الشاهد يدلي بما يريده القاضي حتى وان كان الشاهد ليست لديه شهادة حول ما يريد القاضي اثباته او نفيه، الشاهد يدلي بما يعلمه وبعد ذلك القاضي يعمل الشهادة او يطرحها،


اما ان تحيله رغم ان الشهادة غير منتجة فهذا غير صحيح 

وهذا الحكم يستشف من نص المادة (٣٥٨) من قانون الاجراءات الجزائية التي نصت بالقول *(العند الادعاء على احد الشهود بالشهادة الكاذبة ، للنيابة العامة وللمدعي بالحق الشخصي وللمتهم اذا كانت الشهادة مؤثرة في الدعوى ان يطلبوا ارجاء النظر الى ان يحكم في صحة الشهادة او كذبها وللمحكمة ان تقرر ذلك من تلقاء نفسها)* فالنص اشترط ان تكون الشهادة مؤثرة حتى يجوز الادعاء بكذبها والتحقيق فيها


الخلاصة 

يجب على المحكمة ان تراعي في تعاملها مع الشهود ان تحترمهم وان تفرض احترامهم على الخصوم والموظفين وجنود المحكمة، كما يجب عليها الا تسخر منهم ولا تسمح بالسخرية منهم ولا ان تسمح بتجريحهم بعدالتهم ومقاطعتهم بالصراخ اثناء الادلاء بالشهادة ونعتهم بانهم شهود زور قبل ان يدلوا بالشهادة، ولا يتم الجرح الا بالطرق القانونية، كما يجب على المحكمة ان تخاطب الشاهد باللغة التي يفهمها بعيدا عن استعمال مصطلحات وعبارات معقدة يصعب عليه فهمها.


دمتم برعاية الله

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني