وجوب تطابق نسخة الحكم مع مسوّدته

 *وجوب تطابق نسخة الحكم مع مسوّدته*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/04/blog-post_20.html

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

الحكم: هو المنطوق مع أسبابه، ومسوّدة الحكم  تتضمن منطوق الحكم واسبابه، ويتم النطق بالحكم عن طريق قراءة مسودة الحكم في جلسة علنية إشهاراً للحكم الذي كان موجوداً في مسوّدته  قبل النطق به، ولذلك يجب أن تكون أسباب الحكم ومنطوقه في مسوّدة الحكم مطابقة لماورد في نسخة الحكم بعد تحريرها والتوقيع عليها، فإذا حدث إختلاف بين ماورد في المسوّدة وما ورد في نسخة الحكم فإن ذلك يستدعي التحقيق، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-10-2017م في الطعن رقم (59124)، الذي ورد في منطوقه: ((-نقض الحكم المطعون فيه وتكليف الشعبة بالتحقيق والتصرف وفقاً للقانون فيما وجدته الدائرة من إختلاف بين المسوّدة الموقعة من الهيئة وبين الحكم المطبوع المطعون فيه الذي وردت فيه زيادة فقرة في منطوق الحكم عما ورد في المسوّدة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الأول: ماهية مسوّدة الحكم:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

مسودة الحكم : وثيقة قضائية اشترط قانون المرافعات أن يقوم القاضي بكتابتها بخطه بعد أن يفرغ القاضي من دراسة أوراق القضية، وتشتمل هذه المسوّدة على ملخص موجز لوقائع القضية ثم عرض لأسباب الحكم ثم منطوق الحكم، ويتم التوقيع عليها من قبل القاضي الذي أعدها ، ويتم النطق بالحكم عن طريق تلاوة أو قراءة المسوّدة في جلسة علنية، ويتم إيداع المسوّدة بعد النطق بالحكم  في ملف القضية  في جلسة النطق، ويتم إيداع صورة منها في الملف الخاص بمسودات الأحكام  المحفوظ لدى  رئيس المحكمة. 

وكتابة مسوّدة الحكم قبل النطق بالحكم من قبل القاضي نفسه تدل على إحاطة القاضي بوقائع النزاع وإجراءات المحاكمة  وأقوال الخصوم ومذكراتهم وأدلتهم وأقوال الشهود والخبراء واحاطة القاضي بالقوانين الموضوعية والإجرائية الناظمة لوقائع القضية، كما أن كتابة المسوّدة  بخط القاضي نفسه تدل على أن القاضي قد قام بدراسة القضية بتدبر وإمعان نظر، وكتابة المسوّدة عبارة عن إفراغ القاضي للحكم الذي تكون في قناعة القاضي وعقيدته نتيجة سماع القاضي ومشاركته في اجراءات المحاكمة ونتيجة دراسة القاضي لأوراق القضية ، فالحكم يوجد من وقت كتابة المسوّدة والتوقيع عليها، ويتم إشهار الحكم عن طريق النطق به من واقع المسوّدة في جلسة علنية، وإعداد المسوّدة قبل النطق بالحكم يدل أيضاً على أن القاضي الفرد الذي أعدها قد قام بالمداولة قبل النطق بالحكم عن طريق مراجعة القاضي الفرد للمسودة أكثر من مرة وفي أوقات مختلفة. (نظرية الحكم، لاستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا، ص673). 

وقد أوجب قانون المرافعات اليمني على القاضي الفرد والقضاة إذا تعددوا إعداد مسوّدة الحكم قبل النطق به، حسبما هو مقرر في المادة (225) مرافعات التي نصت على أنه (1- بعد تمام المداولة وقبل النطق بالحكم يجب أن تعد المحكمة مسوّدة الحكم مشتملة على الأسباب التي بني عليها الحكم ثم المنطوق وأن يوقع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسوّدة وإلا كان الحكم باطلاً -2- يجب أن تحرر مسوّدة الحكم الصادر من هيئة متعددة القضاة بخط أحد قضاتها، وفي كل الأحوال يجب أن تودع مسوّدة الحكم في ملف القضية وإلا تعرض المتسبب في مخالفة ذلك للمساءلة التأديبية، ويراعى عند إيداع مسوّدة الحكم في ملف القضية حفظ صورة منها في ملف خاص بالمسوّدات بعد مطابقتها على الأصل بمعرفة رئيس المحكمة)، وقد نصت الفقرة (2) من المادة (227) مرافعات على أنه (-2- لا يجوز إطلاع الخصوم على مسوّدة الحكم قبل النطق به ولا تعطى صورة منها لأي منهم مطلقاً). 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثاني: ماهية نسخة الحكم الأصلية:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

هي الوثيقة التي تقوم المحكمة بتحريرها بعد النطق بالحكم، وتتكون نسخة الحكم من الديباجة التي تتضمن اسم المحكمة التي اصدرته وتاريخ النطق بالحكم ومكان إصداره ورقمه ونوع القضية ورقمها، واسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وقاموا بالتوقيع على مسوّدة الحكم، واسم عضو النيابة إذا كانت القضية جزائية، واسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كلٍ منهم أو وكلائهم، وبعد ديباجة الحكم يتم عرض إجراءات المحاكمة بدءٍ من عريضة الدعوى حتى الجلسة التي تم فيها حجز القضية للحكم، ويسمى هذا الجزء من نسخة الحكم ب(محصل النزاع)، وبعد كتابة محصل النزاع في نسخة الحكم يتم تدوين أسباب الحكم ومنطوقه من واقع مسوّدة الحكم التي سبق النطق بالحكم من خلال تلاوتها، و يتضمن هذا الجزء عرض موجز ملخص لوقائع النزاع الذي يلخص فيه القاضي وقائع النزاع توطئة لعرض أسباب الحكم ومنطوقه وفي ذيل نسخة الحكم يتم التوقيع على نسخة الحكم من قبل القاضي وأمين السر ويتم ختمه بختم المحكمة، وقد بينت المادة (229) مرافعات مكونات نسخة الحكم الأصلية المشار إليها سابقا . 

وقد احسن المقنن اليمني صنعاً حينما أوجب في المادة (228) مرافعات تحصيل القضية وتسليم الخصوم نسخ من المحصل قبل النطق بالحكم ، فقد اسهم هذا التعديل القانوني الصائب في تسريع عملية تحرير نسخ الأحكام، لأن محصل النزاع هو القسم الغالب المكون لنسخة الحكم الأصلية ، فقد كانت تتعثر عملية تحرير الأحكام بسبب تأجيل إعداد المحصل حتي تحرير نسخة الحكم بعد النطق به ، وقد سبق لنا أن أوصينا قبل تعديل المادة (228) مرافعات بضرورة إعداد محصل النزاع وتسليم نسخ منه للخصوم قبل حجز القضية للحكم، حسبما هو مبين في كتابنا (تطور وتطوير القضاء في اليمن)، الذي صدرت الطبعة الأولى منه عام 2018 ، والظاهر أن المقنن قد اخذ بتلك التوصية. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثالث: وجوب التطابق بين مسوّدة الحكم ونسخته الأصلية:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

من خلال ما سبق عرضه في الوجهين السابقين يظهر أن أسباب الحكم ومنطوقه في نسخة الحكم الأصلية ماهي إلا تبييض لما ورد في مسوّدة الحكم (ولذلك يطلق على المسوّدة هذا الاسم) ونسخة الحكم مبيضة لما في المسوّدة ، وعلى هذا الأساس يجب أن تكون أسباب الحكم ومنطوقه الواردة في نسخة الحكم مطابقة تماماً لما ورد في مسوّدة الحكم، لأن القاضي يجب عليه أن ينطق بالحكم من واقع المسوّدة في جلسة علنية وأن يقوم القاضي بإيداع أصل المسوّدة في ملف القضية في جلسة النطق بعد النطق بالحكم مباشرة وأمام الجمهور حسبما هو متبع في دول العالم المختلفة ، وبعد النطق بالحكم تنتهي ولاية القاضي بشأن القضية التي نطق بحكمه فيها، فلا يحق له أن يقوم بتعديل المسوّدة أو الإضافة فيها أو الحذف منها. 

وبإعتبار المسوّدة هي الحكم لاشتمالها على أسباب الحكم ومنطوقه، فأنه يجب أن تكون أسباب الحكم ومنطوقه في نسخة الحكم الأصلية مطابقة تماماً للأسباب والمنطوق المذكورة في المسوّدة، والله اعلم.

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني