رفع الدعوى من بعض الورثة فقط

 *رفع الدعوى من بعض الورثة فقط*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/03/blog-post_6.html?m=1

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

تكون أنصبة الورثة في التركة قبل قسمتها شائعة أي أن حق كل وارث يتعلق بكل جزء من أموال التركة، وهذا يعني أن لكل وارث صفة ومصلحة في المطالبة بأي  مال أو حق من الحقوق المتعلقة بالتركة الشائعة، كما أن له صفة ومصلحة في الدفاع عن أي مال أو حق من الحقوق المتعلقة بالتركة، وعلى هذا الأساس تكون لكل وارث في التركة الشائعة صفة ومصلحة، بيد أنه قد يقوم الورثة جميعاً برفع الدعوى للمطالبة أو الدفاع عن التركة الشائعة، وقد يقوم بعض الورثة فقط برفع الدعوى بصفتهم الشخصية كورثة، وذلك حق لهم وفقا للدستور والقانون، فلا يجوز حرمانهم منه أو إجبار الورثة جميعاً على رفع دعوى واحدة باسمهم جميعاً، إذ يجوز لبعض الورثة أن يرفع الدعوى باسمه وبصفته وارث له الحق في المطالبة بأي حق متعلق بالتركة الشائعة، كما أن له الحق في الدفاع عن حقوق وأموال التركة الشائعة، غير أنه من المقرر قانوناً أنه إذا أدعى بعض الورثة فقط، فلا يكون للحكم الصادر في الدعوى حجية إلا على الورثة الذين رفعوا الدعوى تطبيقاً لمبدأ نسبية حجية الاحكام الذي يعني أن الحكم لا يكون له حجية إلا في مواجهة أطرافه، فليس له حجية في مواجهة الورثة الذين لم يرفعوا الدعوى، إضافة إلى أنه لا يحق للورثة الذين لم يرفعوا الدعوى أن يقوموا بالطعن في الحكم، لأنهم ليسوا المحكوم عليهم فقانون المرافعات يصرح بأنه لايجوز الطعن في الحكم الا من قبل المحكوم عليه، كما أن الحكم ليس له حجية على الورثة الذين لم يقوموا برفع الدعوى، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15/8/2015م في الطعن رقم (57066)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولما كان الثابت أن الدعوى رفعت من بعض الورثة ضد المدعى عليه المطعون ضده حالياً، ولم يتم رفعها من البعض الآخر وهم الطاعنون حالياً، ولذلك فإن الطاعنين لم يحكم ضدهم، لذلك لا يجوز لهم الطعن في الحكم، لأنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليهم، عملاً بالمادة (273) مرافعات، علاوة على أن حجية الأحكام تقتصر على أطراف الخصومة وموضوعها وسببها عدا ما استثنى من ذلك حسبما نصت عليه المادة (234) مرافعات، مما يتعين معه رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الأول:  توفر شرط المصلحة في الوارث:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

نصت المادة (75) مرافعات على أنه (لا تقبل أي دعوى أو طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الإحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه)، وقد تضمن هذا النص شروط المصلحة وهي: أن تكون المصلحة قانونية أي يقرها القانون وأن تكون شخصية ومباشرة وان تكون قائمة، وشروط المصلحة في الدعوى متحققة بالنسبة للوارث، إذ أنه يستهدف بدعواه المطالبة بحقوق التركة التي له حق شائع في كل جزء من اجزائها،  كما أنه يستهدف بدعواه الدفاع عن أموال وحقوق التركة التي له حق شائع فيها، وعلى هذا الأساس يجوز للوارث تقديم الدعاوى لمطالبة غير الورثة بحقوق التركة الشائعة وكذا الدعاوى للدفاع عن أموال التركة وحقوقها في مواجهة الغير. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثاني: المصلحة الجماعية وعدم تحققها بالنسبة للتركة الشائعة:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

تتحقق المصلحة الجماعية بالنسبة للنقابات الجمعيات التي لها شخصية إعتبارية مستقلة وذمة مالية مستقلة ، إذ يحق للنقابة أو الجمعية في هذه الحالة رفع الدعاوى باسمها وبصفتها الاعتبارية دفاعاً عن الحقوق والمصالح الجماعية لأصحاب المهنة، حيث تكون لهذه النقابات أو الجمعيات شخصية إعتبارية وذمة مالية مستقلة بموجب القانون، وهذه الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن اعضاء النقابة تمكنها من رفع الدعاوى دفاعاً عن المصالح الجماعية لمنتسبيها، في حين أن التركة الشائعة ليس لها شخصية اعتبارية مستقلة  أو ذمة مالية مستقلة، حتى لو اتفق الورثة جميعاً على توكيل أحدهم في إدارة التركة الشائعة ورفع الدعاوى دفاعاً عن التركة نيابة عن جميع الورثة ، ولذلك يحق لأي من الورثة في التركة الشائعة أن يقوم برفع الدعاوى للمطالبة والمدافعة عن التركة الشائعة. (المصلحة في الدعوى، عبدالمنعم الشرقاوي، ص167). 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثالث: نسبية حجية الحكم الصادر في الدعوى المرفوعة من بعض الورثة فقط:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

إذا كان من الجائز لأحد الورثة في التركة الشائعة أو لبعضهم أن يرفع الدعاوى باسمه وصفته للدفاع عن التركة الشائعة، إلا أن الحكم الصادر في هذه الدعاوى لا يكون حجة على من لم يرفع الدعوى أو يمثل فيها تمثيلاً صحيحاً، عملاً بالمادة (234) مرافعات التي نصت على أن (تقتصر حجية الأحكام على اطراف الخصومة وموضوعها وسببها وتستثنى من ذلك الأحكام الأتية لكونها ذات حجية مطلقة وهي: -1- الاحكام الصادرة بعدم دستورية القوانين -2- الاحكام الصادرة في دعاوى الغاء القرار الإداري -3- الأحكام الجنائية الباتة الصادرة بالبراءة -4- الاحكام الصادرة بالإفلاس -5- الأحكام الصادرة بالنسب)، وعلى هذا الأساس فإن الحكم الصادر في الدعوى المرفوعة من بعض الورثة لا يكون حجة على من لم يقم برفع الدعوى، بمعنى أن الوارث الذي لم يقم برفع الدعوى لا يلحقه ضرر من قيام وارث آخر برفع الدعوى، بل أن الوارث الذي لم يرفع الدعوى ينتفع من رفع الدعوى من قبل غيره من الورثة. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الرابع: أحقية الوارث الذي رفع الدعوى في مطالبة الورثة الآخرين بدفع نصيبهم من المصاريف التي تكبدها للدفاع عن التركة الشائعة:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

مع أن حق التقاضي حق وليس واجباً، فللشخص ان يستعمل حقه في التقاضي وقد لا يستعمله، فلا يجوز إجبار الشخص على استعمال حقه في التقاضي غير أن  (الإثراء بلا سبب) مصدر من مصادر الحق يوجب على من انتفع بمال أو عمل غيره أن يفي بمقابل النفع الذي حصل عليه ، وعلى هذا الأساس يجوز للوارث الذي رفع الدعوى مطالبة الورثة الآخرين بسداد مصاريف ومخاسير الدعوى التي رفعها سيما إذا كان رفع الدعوى ضرورياً للمطالبة والدفاع عن التركة الشائعة وحققت الدعوى الآثار المرجوة منها كالحصول على حكم أو قطع تقادم. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الخامس: عدم قبول الطعن في الحكم من الورثة الذين لم يرفعوا الدعوى:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

نصت المادة (273) مرافعات التي استند إليها الحكم محل تعليقنا نصت على أنه (لا يجوز أن يطعن في الاحكام إلا المحكوم عليهم)، ومن المعلوم أن الورثة الذين لم يرفعوا الدعوى لم يتم الحكم عليهم، لأنهم ليسوا اطرافاً في الدعوى المرفوعة من بعضهم، ولذلك لا يجوز لهم الطعن في الحكم مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني