سلطة القاضي في تحديد مدة رؤية المحضون

 *سلطة القاضي في تحديد مدة رؤية المحضون*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/02/blog-post_24.html?m=1#4

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

من المعلوم ان مسألة الحضانة ورؤية المحضون لا تثور الا حينما ينفصل الابوان عن بعضهما، فيصير أمر الطفل إلى الحاضن وعندها يتعين تمكين الآخر من رؤية المحضون، والحضانة مقررة لمصلحة الطفل المحضون، فالحاضنة هي: المحافظة على الصغير والقيام بأمره حتى يستغني بنفسه، وان كانت الحضانة حقا محضا للصغير فإن رؤية المحضون تتضمن حقان متداخلان هما: حق المحضون في الحصول على حنان وعطف  والده المنفصل عنه، وكذا حق الوالد  المنفصل في اشباع عاطفة الأبوة اوالأمومة، غير أن مصلحة المحضون هي الأساس الذي تتأسس عليه السلطة التقديرية للقاضي عندما يحدد مدة رؤية المحضون من قبل والده المنفصل أو والدته إذا كانت غير حاضنة للصغير ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-2-2012م في الطعن رقم (4848)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى (بالزام الحاضنة بتمكين المدعي (الأب) من أخذ ابنته المحضونة مرة كل اسبوعين على أن يكون ذلك من الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس مع مبيتها لدى الأب على أن يقوم بإرجاعها إلى الحاضنة الساعة السادسة مساء يوم الجمعة، وكذا تمكين الاب من اخذها ثاني يوم في العيد)، وقد اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما اورده الطاعن بشأن تحديد رؤية المحضونة وزيارتها لابيها وأهله، والدائرة تجد: أن نعي الطاعن غير وارد، إذ أن تقدير مدة الرؤية هي من اختصاص قاضي الموضوع وفقاً لنص المادة (145) من قانون الأحوال الشخصية، فالسلطة التقديرية في هذا الشأن تكون لقاضي الموضوع))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الأول: الحضانة وعلاقتها بحق رؤية المحضون:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

عرف قانون الأحوال الشخصية الحضانة وذلك في المادة (138) التي نصت على أن (الحضانة هي: حفظ الصغير الذي لا يستقل بأمر نفسه وتربيته ووقايته مما يهلكه أو يضره بما لا يتعارض مع حق وليه، وهي حق للصغير فلا يجوز النزول عنها وإنما تمتنع بموانعها وتعود بزوالها)، ويظهر من هذا النص أن الحضانة حق مقرر للطفل فلا يجوز للحاضنة التنازل عنه، لأن الحضانة ليست حقا لها بل أنه يتم إجبارها على القيام بالحضانة إن لم يجد الصغير غيرها، وقد ورد في النص السابق أن الحضانة لا تتعارض مع حق وليه، لأن الولاية على الطفل تتداخل مع الحضانة منذ ولادة الطفل وتترتب على الولاية حقوق للولي وواجبات عليه، ومن حقوق الولي في هذا الشأن: الحق في رؤية الطفل المحضون إذا كانت الحاضنة هي الام ومن إليها، ومن الواجبات الملقاة على كاهل الولي الإنفاق على المحضون حتى يبلغ. 

اما إذا كانت الحضانة للأب فإن للأم الحق في رؤية الطفل المحضون حسبما هو مقرر في المادة (145) أحوال شخصية الآتي بيانها. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثاني: الغرض من رؤية المحضون:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

الأصل أن ينشأ الطفل أو الصغير في كنف والديه معا (الأب والأم) حيث يباشر الأب ولايته وتباشر الأم حضنتها، ولكل من الوالدين دور في المحافظة على الصغير وتربيته ورعايته وإرشاده وتوجيهه  التوجيه السليم وإشباع حاجة الطفل للحنان والعطف من الأبوين معاً، ومن جهة ثانية فإن وجود الأبوين معاً بمعية الطفل يشبع فطرة الأبوين في رؤية الطفل وإشباع عاطفة الأمومة الأبوة لدى الأبوين . 

ولذلك إذا انفصل الزوجان لأي سبب كالطلاق والفسخ والخلع، فإن رؤية المحضون تحقق هذه الأغراض في حدها الأدنى، ولذلك تحتاج الرؤية إلى تنظيم بما يحقق أغراض الرؤية. المشار إليها. (الوجيز في أحكام الأسرة، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص122). 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثالث: تنظيم رؤية المحضون في قانون الاحوال الشخصية:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

نظراً لتداخل الحضانة مع الولاية فقد نظم القانون رؤية المحضون في سياق تنظيمه لواجبات الحاضن وولي المحضون، وفي هذا الشأن نصت المادة (145) أحوال شخصية (على الحاضن القيام بما يصلح الطفل إلا النفقة وتوابعها فهي على من تلزمه طبقاً للمبين في باب النفقات، ويجوز للحاضن نقل الطفل إلى بلده مالم يكن في ذلك ضرر على الطفل مادياً أو معنوياً أو اخلاقياً، وإذا كان الصغير عند أحد والديه كان للآخر حق رؤيته بالطريقة التي يتفقان عليها أو بما يراه القاضي)، وقد أشار هذا النص إلى أن تنظيم رؤية المحضون يتم بطريقين: الطريقة الأولى: إتفاق الوالدين المنفصلين، والطريقة الثانية: تكون بنظر القاضي ولا يتم اللجوء إلى هذه الطريقة إلا إذا لم يتفق الوالدان على تنظيم الرؤية حسبما ورد في النص القانوني السابق. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الرابع: المقصود بتنظيم رؤية المحضون:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

المقصود بذلك: تحديد الوقت والمكان الذي تتم فيه الرؤية ونفقات الرؤية مثل مصاريف الانتقال وتحديد الشخص الذي يستلم ويسلم الطفل لرؤيته. 

وخلال التنظيم ينبغي أن تكون مصلحة الطفل المحضون هي الغالبة، فعند تحديد وقت الحضانة يتم تحديد الوقت المناسب لمصلحة الطفل المحضون فإذا كان رضيعاً فتكون رؤيته لساعة أو لساعتين في نهار أحد أيام الأسبوع ويكون ذلك في منزل الحاضنة، اما إذا كان الطفل قادراً على المشي والانتقال ويستطيع المبيت بعيداً عن الحاضنة فيجوز أن تطول الرؤية إلى يوم أو يومين في الأسبوع وإذا كان الحاضن في مدينة غير المدينة التي يقيم فيها الوالد غير الحاضن فيجوز أن تكون مدة الرؤية أسبوع في الشهر، وإذا كان في دولة أخرى فيجوز أن تكون مدة الرؤية شهرين في السنة، وبما أن الرؤية فيها مصلحة للمحضون فإن نفقات الرؤية تكون على الولي أو من تلزمه النفقة على المحضون.  

وينبغي أن لا يترتب على إنتقال المحضون لرؤيته أية أضرار مادية أو معنوية أو اخلاقية بالمحضون حسبما هو مقرر في المادة (145) أحوال شخصية السابق ذكرها، والله اعلم. 

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني