نشوز الزوجة ونشوز الزوج

 *نشوز الزوجة ونشوز الزوج*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/02/blog-post_6.html?m=1

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

لم يرد مصطلح النشوز في قانون الأحوال الشخصية اليمني، ومع ذلك فإن احكاما كثيرة تتضمن مصطلح النشوز على أنه لايقع الا من جانب الزوجة ، في حين أن مصطلح النشوز ورد في القرآن الكريم، ومعناه التكبر والترفع والامتناع عن اداء الواجب، وعلى هذا المعنى  فقد يصدر  النشوز من الزوجة  فتكون ناشزا، وفي هذا المعنى قال تعالى {..وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ..} [النساء: من الآية (34)]، كما قد يقع النشوز من الزوج، فيقال زوج ناشز، وفي هذا المعنى قال تعالى {.. وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا..}[النساء: من الآية (128)]، فمعنى النشوز في القرآن الكريم أن تتكبر الزوجة وتترفع على زوجها صاحب القوامة  وتمتنع عن القيام بواجباتها الزوجية المقررة في الشرع والقانون أو يتكبر الزوج على زوجته ويترفع عليها فلا يقوم بواجباته ازائها، ولأن مصطلح (النشوز) عام فقد تصدى الفقه الإسلامي لبيان مفهومه ومظاهره لما يترتب على النشوز من أحكام وآثار شرعية، ومنها: عدم إستحقاق الزوجة الناشز للنفقة وحق الزوجة في اللجوء إلى القضاء لحمل زوجها الممتنع الناشز على تنفيذ واجباته وكذا حقها في فسخ زواجها  من زوجها الناشز الممتنع عن القيام بواجباته الشرعية ، فأسباب فسخ الزواج  التي تكون حقا للزوجة هي وسائل قررها الفقه والقانون كوسيلة لمواجهة نشوز الزوج الذي يمتنع عن القيام بواجباته الشرعية والقانونية المقررة لزوجته كتمرده عن الإنفاق عليها او سوء خلقه معها او عدم معاشرته لها وغير ذلك من أسباب الفسخ المقررة حقا للزوجة أو لصالح الزوجة ، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-4-2013م في الطعن رقم (52089)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة: أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه جاء في نتيجته موافقاً لأحكام الشرع والقانون لما اوضحه واستند إليه في قضائه بتحقق النشوز ))، وقد كان الحكم الاستئنافي قد قضى (بعدم إستحقاق الزوجة للنفقة بسبب نشوزها لأنها قد خرجت من منزل الزوج من غير سبب والزام الزوج بإعداد المسكن الشرعي)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الأول: نفقة الزوجة المستحقة على زوجها  وعلاقتها بالنشوز :*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

النفقة حق للزوجة وواجب على زوجها، وتستحق الزوجة النفقة مقابل  الواجبات الشرعية والقانونية المقررة عليها إزاء زوجها، فتسقط  هذه النفقة إذا امتنعت الزوجة عن القيام بواجباتها ازاء زوجها . 

وقد حدد قانون الأحوال الشخصية مكونات نفقة الزوجة المستحقة على زوجها، ومكونات النفقة وهي: الغذاء والكساء والمسكن والفراش والعلاج والاخدام، وحدد وقت بدء إحتساب إستحقاق الزوجة للنفقة، فتحتسب نفقة  الزوجة من وقت زفافها إلا إذا اشترطت الزوجة أن ينفق عليها الزوج من تاريخ العقد، وصرح القانون بأنه عند تقدير نفقة الزوجة تكون العبرة بالحالة المالية للزوج لأنه الملزم بالإنفاق، وفي هذا المعنى نصت المادة (150) أحوال شخصية على أنه (تجب النفقة للزوجة كيف كانت على زوجها كيف كان من وقت العقد أن شرطت وإلا من تاريخ الزفاف غذاء وكساء وسكناً وفراشاً ومعالجة واخداماً، والعبرة بحال الزوج يسراً أو عسراً، وتقدم نفقة الزوجة على غيرها من النفقات)، ونفقة الزوجة هي حق لها وفي الوقت ذاته فهي واجب على زوجها، ولذلك يتحقق نشوز الزوج إذا امتنع عن النفقة على الزوجة، وعندئذ يحق الزوج ان تطلب من القضاء حمل زوجها على الإنفاق عليها او فسخ زواجها من زوجها الناشز المتمرد عن النفقة عليها ، وبالمقابل يسقط حق الزوجة في النفقة إذا امتنعت عن القيام بواجباتها المقررة لصالح زوجها . 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثاني: التقابل بين حقوق وواجبات  الزوجين  وعلاقته بالنشوز :*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

تضمنت المادة (40) أحوال شخصية واجبات الزوجة المقررة عليها لصالح زوجها، إذ نصت هذه المادة على أنه (للزوج على الزوجة حق الطاعة فيما يحقق مصلحة الاسرة على الاخص فيما يلي: -1- الانتقال معه الى منزل الزوجية مالم تكن قد اشترطت عليه في العقد البقاء في منزلها ومنزل اسرتها، فيكون عليها تمكينه من السكن معها والدخول عليها. -2- تمكينه منها صالحة للوطء المشروع في غير حضور احد. -3- امتثال امره والقيام بعملها في بيت الزوجية مثل غيرها. -4- عدم الخروج من منزل الزوجية الا بإذنه، وليس للزوج منع زوجته من الخروج لعذر شرعي او ما جرى به العرف بمثله مما ليس فيه الاخلال بالشرف ولا بواجباتها نحوه وعلى الاخص الخروج في اصلاح مالها او اداء وظيفتها، ويعتبر عذرا شرعيا للمرأة خدمة والديها العاجزين وليس لهما من يقوم بخدمتهما او احدهما غيرها)، فإذا امتنعت الزوجة عن القيام بواجباتها المقررة لصالح زوجها فإنها تكون ناشزا، وبالمقابل حددت المادة (41) أحوال شخصية واجبات الزوج لصالح زوجته، إذ نصت هذه المادة على أنه (يجب على الزوج لزوجته ما يلي: -1- اعداد سكن شرعي مما يليق مثله من مثله. -2- نفقة وكسوة مثلها من مثله. -3 - العدل بينها وبين سائر زوجاته اذا كان للزوج اكثر من زوجة. -4- عدم التعرض لاموالها الخاصة. -5- عدم اضرارها ماديا او معنويا)، فإذا لم يقم بهذه الواجبات فإن يكون ناشزا، ومن خلال سياق المادتين (40 و41) أحوال شخصية يظهر التقابل بين الحقوق والواجبات  المتبادلة بين الزوجين، ولهذا التقابل بين واجبات وحقوق الزوجين معاً أهميته البالغة في تحديد مفهوم النشوز وتحديد نطاقه وأنه قد يقع من الزوج أيضا كما يقع من الزوجة . 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثالث: مظاهر النشوز في الزوجين:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

يتجلى النشوز ويظهر في الزوجين عندما يثبت عدم قيام الزوجين معاً أو احدهما بالوفاء بواجباته المقررة في الشريعة الإسلامية التي لخصها قانون الأحوال الشخصية في المادتين (40 و41) السابق ذكرهما في الوجه الثاني الذي عرضنا فيه التقابل بين حقوق وواجبات الزوجين وعلاقته بالنشوز ، فعندما يمتنع الزوج عن القيام بواجباته المقررة في المادة (41) فإنه يكون زوجاً ناشزاً  يحق للزوجة ان تلجاء إلى القضاء لحمله على القيام بواجباته وفي هذا السبيل يحق للزوجة ان تطلب فسخ نكاحها من زوجها الناشز إذا تحقق سبب الفسخ، فإذا لم يقم الزوج بإعداد مسكن للزوجة فأنه يكون ناشز وكذلك الحال إذا لم يقم الزوج بالنفقة على زوجته أو كسوتها فأنه يكون ناشزاً وكذا إذا لم يعدل الزوج بين زوجاته فأنه ناشز، وإذا قام الزوج بالتعرض لأموال زوجته أو الاستيلاء عليها فأنه يكون زوجاً ناشزاً، وبالمقابل فإن الزوجة تكون ناشزاً إذا رفضت الإنتقال إلى منزل زوجها كما تكون الزوجة ناشزاً إذا رفضت تمكين زوجها منها وهي صالحة للوطء وكذا تكون الزوجة ناشزاً إذا لم تمتثل لأوامر زوجها إذا لم تكن بمعصية كما تكون الزوجة ناشزاً إذا قامت بالخروج من منزل الزوجية من غير إذن زوجها إلا إذا كان خروجها لعذر شرعي كمرض أو ما جرى عليه العرف أو لإصلاح مالها أو رعاية والديها . 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الرابع: تأثير النشوز على العلاقة الزوجية:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

اشار قانون الأحوال الشخصية إلى آثار نشوز الزوجين، فقد نصت المادة (152) أحوال شخصية على أن الزوجة الناشز لا تستحق النفقة فقد نصت هذه المادة على أنه (لا نفقة للزوجة في الاحوال التالية: -أ-اذا امتنعت عن الانتقال الى بيت الزوجية من دون عذر شرعي. -ب- اذا تركت بيت الزوجية من دون عذر شرعي. -ج- اذا امتنعت الزوجة من الدخول الى بيت الزوجية من دون عذر شرعي. -د- اذا عملت خارج البيت دون موافقة زوجها مالم يكن متعسفا في منعها من العمل. -هـ- اذا امتنعت من السفر مع زوجها دون عذر)، وبالمقابل فإن هناك تطبيقات في قانون الاحوال الشخصية  مقررة لصالح الزوجة في مواجهة النشوز الذي قد يقع من الزوج مثل الفسخ بسبب عدم إنفاق الزوج أو تمرده عن الإنفاق والفسخ بسبب سوء خلق الزوج (الفسخ لإنعدام الكفأة) والفسخ للكراهية وادمان الزوج للخمر والمخدرات وغيرها من الفسوخ المقررة لمصلحة الزوجة، فهذه الفسوخ  عبارة عن وسائل وادوات شرعية تتوسل بها المرأة في مواجهة الزوج الناشز الممتنع عن القيام  بواجباته الزوجية  المقررة لصالح الزوجة (فسخ الزواج، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص75)، والله اعلم.

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني