توكيل من لا يجوز له الترافع عن الغير امام المحكمة

 ♦️توكيل من لا يجوز له الترافع عن الغير امام المحكمة♦️



القاضي مازن امين الشيباني 



❇️  حدد قانون المرافعات الاشخاص الذين يجوز لهم الترافع بالوكالة عن الغير،  حيث نصت المادة (١١٧) من قانون المرافعات بقولها ((مع مراعاة ما ينص عليه قانون المحاماة والمادة (١٢٥) من هذا القانون يقبل وكيلاً عن الخصم المحامون والأزواج والأقارب والأصهار الى الدرجة الرابعة وتثبت الوكالة بصك رسمي معتمد أو بإقرار الموكل أمام المحكمة إذا كان حاضـراً ويثبت ذلك في محضر الجلسة))



وكانت المادة (١٢٥) من نفس القانون قد نصت بقولها ((لا يجوز لأحد القضاة أو مساعديهم أو النائب العام أو أي عضو من أعضاء  النيابة العامة أو رجـال الجيش أو الأمن أو لأحد العاملين بالمحاكم أو وزارة العدل أن يكون وكيلاً أو منصوباً عن الخصوم في الحضور أو المرافعة في  الدعوى مشافهةً أو بالكتابة أو بالإفتاء أمام أية محكمة كانت إلا أن يكون ذلك 

عمن لهم الولاية أو الوصاية عليهم شرعاً وقانوناً أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم وكل عمل يتم على خلاف ذلك يكون باطلاً فضلاً عن المسآءلة  التأديبية))



هذان النصان من وجهة نظري يقدمان لنا قاعدة عامة 

 

ثم استثناء على القاعدة العامة 


ثم استثناء على الاستثناء من القاعدة العامة. 


 ونبين ذلك كالاتي:-


*️⃣ القاعدة العامة المقررة بموجب نص المادة ١١٧ مرافعات :-



 وتتضمن هذه القاعدة حكما وهو انه لا يقبل ان يترافع وكلاء عن الخصوم الا المحامين والاقارب حتى الدرجة الرابعة فقط،  والمحامين هم اولئك الاشخاص الذين يحملون ترخيصا بمزاولة مهنة المحاماة صادر عن نقابة المحامين التي تم انشائها بموجب قانون المحاماة اليمني،  وهذا هو الاصل،  لا يقبل ان يترافع وكلاء عن الخصوم الا المحامين فقط. 

اما الاقارب حتى الدرجة الرابعة الذين لا يحملون ترخيص مزاولة مهنة المحاماة وهم الازواج والاخوة والاخوات والوالدين والاصهار واي قريب حتى الدرجة الرابعة، من اي جهة كانت قرابته،  يجوز لاي واحد منهم ان يكون وكيلا في الحضور والمرافعة عن قريبه الذي تجمعه به قرابة الى الدرجة الرابعة،  سواء كانت قرابة من جهة الاب او قرابة من جهة الام او من جهة الاخوة او قرابة بالمصاهرة مادامت الى الدرجة الرابعة،  فالاخ يجوز له ان يكون وكيلا لزوج اخته،  وزوج البنت يجوز ان يكون وكيلا لعمه والد زوجته،  والعم يكون وكيلا لابن اخيه،  والخال يكون وكيلا لابن اخته،  فيجوز للاقارب ان يكونوا وكلاء لاقاربهم حتى الدرجة الرابعة في الحضور والمرافعة. 


*️⃣ الاستثناء على القاعدة العامة السابقة وتتعلق باستثناء اشخاص يؤدون وظيفة عامة ويحملون درجة وظيفية وهم 

-القضاة بمختلف درجاتهم وتخصصاتهم من رئيس مجلس القضاء الاعلى حتى قضاة المحاكم الابتدائية بما فيهم القضاة الذين يؤدون عملا اداريا في وزارة العدل


-النائب العام واعضاء النيابة بمختلف درجاتهم


- مساعدي القضاة


- رجال الجيش و الامن


- موظفي المحاكم ووزارة العدل من امناء سر ومحضرين وكتاب


هذه الخمس الفئات محظور عليها ان تتولى الحضور بالوكالة عن احد الخصوم ومحظر ان يتم تنصيب احد من هذه الفئات عن اي خصم امام القضاء ومحظور عليها القيام باي مرافعة شفوية او كتابية عن الغير


و مضمون الاستثناء انه لا يجوز للقضاة ولا اعضاء النيابة العامة ولا النائب العام ولا رجال الجيش وكل الفئات الخمس السابقة  لا يجوز لهم ان يكونوا وكلاء عن الخصوم في الحضور والمرافعة والمدافعة امام المحاكم او النيابات او اقسام الشرطة ولو كانوا اقارب،  فلا يجوز لاي شخص من الفئات الواردة بهذا النص ان يحضر جلسات المحكمة ويترافع امامها بالوكالة عن احد الخصوم او بالتنصيب عنهم مالم يكن القاضي او عضو النيابة او رجل الامن طرفا اصيلا في الخصومة ويترافع باسمه وعن نفسه. 



*️⃣الاستثناء على الاستثناء :- 


👈🏼 وهذا الاستثناء هو انه يجوز للقضاة واعضاء النيابة ورجال الجيش وباقي الفئات الخمس الاخرى الواردة في المادة ١٢٥ ان يكونوا وكلاء عن الخصوم في الحضور والمرافعة اذا كانت القضية تخص احد الصنفين الاتيين:-


1️⃣ الصنف الاول:- من يكون القاضي او عضو النيابة او احد ممن شملهم نص المادة١٢٥  وليا او وصيا عليه، وتمثيله لاحد اطراف الخصومة في هذه الحالة ليس بالوكالة وانما بصفته وليا او وصيا على من يمثله. 



2️⃣ الصنف الثاني هم الزوجين و اصول القاضي وفروعه واخوته ونبين هذه الفئة باختصار كالاتي:-


♦️ يجوز لاي شخص من الفئات الخمس الواردة بالنص ان يكون وكيلا عن زوجته في الحضور والمرافعة، لكن لا يجوز له ان يكون وكيلا عن عمه ابو زوجته ولا عن ابن زوجته الذي من زوج اخر،  وانما الاستثناء اقتصر على الزوجين فحسب. 


♦️اصوله اي ابواه وابائهم وامهاتهم وان علوا،  فيجوز له ان يكون وكيلا لابيه او لجده في الحضور والمرافعة، وكذا لامه او لجده من الام. 



♦️فروعه وان نزلوا، وهم اولاده واولاد اولاده ما نزلوا،  فيجوز له ان يكون وكيلا لاحدهم في الحضور والمرافعة 



♦️ اخوته، سواء اخوة اشقاء او لاب او لام،  ولا يتعدى الامر الى اولاد الاخوة،  فلا يجوز للقاضي ان يكون وكيلا في الحضور والمرافعة عن ابن اخيه كون النص قصر الجواز على الاخوة والاستثناء لا يتوسع فيه. 


*️⃣ونلاحظ الفرق بين القاعدة العامة وبين الاستثناء على الاستثناء من حيث الاقارب الذين يجوز تمثيلهم بالوكالة، فالقاعدة العامة تضمنت الجواز لاي شخص ان يكون وكيلا لاي شخص تربطه به قرابة الى الدرجة الرابعة،  فالمادة ١١٧ ربطت الجواز بدرجة القرابة دون النظر الى جهات القرابة،  فاجاز للاشخاص  ان يحضروا بالوكالة عن اقاربهم حتى الدرجة الرابعة والمدافعة عنهم،  بصرف النظر عن جهة القرابة،  سواء قرابة نسبية او بسبب الزوجية،  فيجوز للشخص ان يكون وكيلا لابن اخيه او ابن اخته،  ويجوز ان يكون وكيلا لابي زوجته


👈🏼بينما الاستثناء على الاستثناء المتعلقة  بالفئات الخمس قيد القرابة من حيث الجهة ولم يقيدها بالدرجة. 


فاجاز للقاضي ان يكون وكيلا لاحد اصوله وان علا ولاحد فروعه وان نزل،  وقيد وكالة القاضي لاقاربه من الزوجية بالزوجين فقط فلا يجوز للقاضي ان يكون وكيلا لوالد زوجته بخلاف غيره من الاشخاص يجوز ان يكون وكيلا لوالد زوجته. 


والغاية من منع القضاة واعضاءالنيابة ورجال الجيش والامن من ان يكونوا وكلاء للخصوم في الحضور والمرافعة ينظر لها من وجوه عديدة اهمها:-

👈🏼 لضمان عدم استغلال الوظيفة العامة في التأثير على مسار الخصومة المنظورة امام القضاء وعدم تاثير علاقة القضاة او الموظفين ببعضهم البعض في مسار القضية 


👈🏼 اغلاق باب التكسب امام القضاة واعضاء النيابة ورجال الجيش من خلال قيامهم بالترافع عن الخصوم بموجب وكلات تمنح لهم، فهذا يخل بواجبات الموظف تجاه الوظيفة. 


👈🏼وهنا يجب ان نتنبه

ان انشاء الوكالة ابتداء جائز،  الا ان استعمال الوكالة في الحضور والمرافعة هو الذي لا يجوز،  فالحظر لم يرتبط بكون التصرف الموكل به محظور لذاته،  بل الحظر ارتبط بصفة الوكيل،  فامتنع على الوكيل استعمال التوكيل مادامت الصفة التي ارتبط بها الحظر قائمة،  ولذلك يجوز للقاضي المتقاعد او الذي قبلت استقالته او تم عزله ان يكون وكيلا لاحد اقاربه الى الدرجة الرابعة ولا يخضع للحظر الوارد في المادة ١٢٥



فالحظر يتعلق بالحضور فعلا امام المحكمة بالوكالة عن الغير،  ولا يتعلق بالوكالة نفسها،  فانشاء الوكالة ابتداء جائز،  


لذلك النص قال ((لا يجوز لاحد القضاة.... ان يكون وكيلا في الحضور))  فانصرف الحظر الى الوكيل لا الى الموكل،  فاذا قام شخص بتوكيل قاضي فالوكالة صحيحة ابتداء، الا ان القاضي لا يستطيع استعمالها، لان النص لم يقل ((لا يجوز للخصوم ان يوكلوا احد القضاة))  بل قال ((لا يجوز للقاضي ان يكون وكيلا في الحضور )) 



❇️ نطاق الحظر الوارد في المادتين ١١٧ و١٢٥ مرافعات 


النصان المذكوران تضمنا حظرا من ناحيتين



❇️الحظر من الناحية الشخصية:-  وذلك ببيان الاشخاص الذين يحظر عليهم ان يكونوا وكلاء بالحضور والمرافعة وقد بينا ذلك آنفا عند حديثنا عن القاعدة العامة والاستثناء عليها والاستثناء على الاستثناء 



❇️ الحظر من الناحية الموضوعية:- 

وهي الاعمال التي لا يجوز للشخص ان يكون وكيلا فيها عن الغير 



واذا عدنا الى النصين المذكورين سنجد ان الحظر من هذه الناحية يقتصر على الاعمال الاتية:-


👈🏼الحظر المتعلق بحضور الجلسات حيث حظر النص ان يكون الشخص (او القاضي) وكيلا (في الحضور عن الخصوم) جلسات المحاكمة 


👈🏼الحظر ان يكون الشخص (او القاضي) منصوبا عن احد الخصوم امام المحكمة.



👈🏼الحظر ان يكون الشخص او القاضي  مترافعا عن احد الخصوم شفويا او كتابة.



 هذا هو نطاق الحظر، وبالتالي يجوز للقاضي ولعضو النيابة او لاي شخص ان يكون وكيلا لغيره في القيام باي تصرف خارج اطار الخصومة المنظورة امام القضاء،  يجوز ان يكون وكيلا ببيع مال الوكيل وقبض الثمن، ويجوز ان يكون وكيلا لتمثيله في خصومة تحكيم منظورة امام هيئة تحكيمية وليس امام المحكمة،  سواء كان محام او غير محام،  قريب او بعيد،  قاض او رجل امن او عضو نيابة، 

كما يجوز ان يمنحه توكيلا لتوكيل غيره في الصلاحيات الممنوحة له،


 فالحظر لا يشمل هذه التصرفات،  فيجوز ان يكون وكيلا باي عمل من اعمال الادارة او التصرف،  عدا ما ورد بالنص 

وهي

👈🏼 ان يحضر بالوكالة بالحضور عن موكله امام المحكمة

👈🏼او ان يحضر منصوبا 

👈🏼او ان يحضر وكيلا بالمرافعة بالمدافعة 

وما عدا ذلك فلا يشمله الحظر 


❇️ حكم التوكيل الصادر من الوكيل الذي لا تجوز مرافعته للغير:- 


قد يقوم شخص بتوكيل شخص اخر ليس محام ولا تربطه به صلة قرابة للقيام عنه برفع دعوى او تمثيله بحضور جلسات ويمنحه حق توكيل الغير من المحامين،  الا ان هذا الوكيل لا يقوم بالحضور ولا بالمرافعة بل يقوم باسناد التوكيل الى محام ليقوم المحامي مقام موكله بالمرافعة والمدافعة 



على سبيل المثال س يريد يرفع دعوى،  فحرر توكيلا لشخص ليس محام ولا تربطه به صلة قرابة بالمرافعة والمدافعة عنه ورفع الدعوى وتوكيل غيره من المحامين،  الا ان الوكيل المذكور لم يقم هو بنفسه بمباشرة الاجراءات،  بل اسند التوكيل الى محام ليقوم المحامي بهذه الاجراءات 

فهل تكون الاجراءات التي يقوم بها المحامي صحيحة ام باطلة؟ 



الذي ارجحه ان الاجراءات تكون صحيحة لان الحظر انصرف الى الحضور فالنص قال ((ان يكون وكيلا بالحضور)) وهو لم يحضر بل اسند التوكيل لشخص سمح له القانون بالمرافعة وتمثيل الغير


وبالتالي فان الاجراءات التي يقوم بها المحامي لا تنصرف الى موكله الذي هو وكيل اصلا وليس اصيل،  بل تنصرف مباشرة الى الموكل الاصيل، ولذلك نصت المادة ٩١٦ من القانون المدني بقولها ((ليس للوكيل توكيل غيره فيما وكل به الا اذا كان مفوضا او اذن له الموكل، و اذا تم توكيل الوكيل الثاني صحيحا صار وكيلا للموكل...)) فالنص اكد ان الوكيل الثاني يصير وكيلا للموكل وليس للوكيل الاول وهو ما نرجحه

والله تعالى اجل واعلم 

دمتم برعاية الله 


القاضي مازن امين الشيباني 


https://t.me/mazenshaibany

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني