الفرق بين حكم التحكيم وعقد الصلح

 *الفرق بين حكم التحكيم  وعقد الصلح*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه إذا تصالح الخصوم اثناء سير هيئة التحكيم في إجراءات التحكيم فأنه يجب على هيئة التحكيم تضمين هذا الصلح في حكم التحكيم وإعتبار القضية منتهية بالصلح، وفقا للمادة( 46) تحكيم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-11-2015م في الطعن رقم (56977)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون عندما اعتبر أن الإتفاق المكتوب الذي وقعه المحكمان هو حكم تحكيم وترتب على ذلك قبول الحكم الاستئنافي دعوى البطلان وإلغاء ما اسماه الحكم المطعون فيه (حكم التحكيم)، وحيث أن الطاعن يدفع بأن المحرر الذي وقعه مع المطعون ضده والمحكمان ماهو إلا صلحاً لا يقبل الطعن فيه وسنداً قابلاً للتنفيذ، وحيث أن الثابت في الأوراق أن الطاعن اثناء السير في إجراءات التحكيم طلب من المطعون ضده بعد ان استحلفه بالله أن يحدد ما يدعيه من حق في المحل المتنازع عليه وان يضع الفواصل بين ملكيهما ففعل، وقد تم إثبات ما اتفقا عليه في وثيقة ووقعا عليها، وحيث أن المادة (46) تحكيم تنص على أنه: إذا اتفق طرفا التحكيم على تسوية النزاع خلال سير إجراءات التحكيم فعلى لجنة التحكيم إنهاء الإجراءات وإثبات إتفاق الصلح في صورة وثيقة منهية للخلاف، ولما كان الأمر كذلك فإن الطعن يكون في محله  مما يتعين قبوله ونقض الحكم الطعين)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: الفرق بين التحكيم والصلح:*

 

➖➖➖➖➖


*▪️التحكيم ينتج عنه حكم يفصل في النزاع بين المحتكمين، فيحكم حكم التحكيم بالحق كاملا لصاحبه من غير إسقاط، ولأن حكم التحكيم يحسم النزاع فأنه يخضع لرقابة القضاء عن طريق دعوى البطلان التي ترفع أمام محكمة الاستئناف اذا توفرت حالات البطلان المنصوص عليها في المادة( 53) تحكيم ، إضافة إلى أن حكم التحكيم لا يشترط رضاء الخصوم به، إضافة إلى أن حكم التحكيم يشتمل على بيانات اشترطها قانون التحكيم في المادة (48)، فضلا عن ان قانون التحكيم حدد حالات بطلان حكم التحكيم في المادة (53)، وحدد قانون التحكيم ان دعوى بطلان التحكيم ترفع أمام محكمة الاستئناف.* 

*أما الصلح فهو عقد نظمه القانون المدني، وعقد الصلح يرفع  النزاع  القائم أو يتوقى به النزاع المحتمل وبذلك يختلف الصلح عن التحكيم الذي نظمه قانون التحكيم ، ولأن الصلح عقد فأنه يخضع لإرادة المتعاقدين وبهذا يختلف عن حكم التحكيم الذي يتم فرضه رغما عن إرادة الخصوم لانه حكم، كما أن عقد الصلح يتضمن تنازل المتصالحين عن بعض حقوقهما بخلاف حكم التحكيم الذي يحكم بالحق كله لصاحب الحق ، ولأن عقد الصلح عقد من جملة العقود فأنه لا يخضع لنظام الطعون في الأحكام كما أنه لا يتم الإدعاء ببطلانه عن طريق دعوى البطلان التي ترفع في حكم التحكيم أمام محكمة الاستئناف، ولكن عقد الصلح يخضع لدعوى إبطال العقد إذا اختل ركن من أركانه أو شرط من شروطه حيث ترفع دعوى إبطال عقد الصلح أمام المحكمة الابتدائية وليس أمام محكمة الاستئناف كما الحال بالنسبة لحكم التحكيم ، إضافة إلى أن قانون التحكيم قد اشترط في حكم التحكيم شروط منها أن يكون التحكيم كتابة وان يتضمن حكم التحكيم بيانات معينة كالإشارة إلى إتفاق التحكيم  إلى اسماء الخصوم وبياناتهم وملخص الدعوى والإجابة وأسباب الحكم ، أما عقد الصلح فقد نظمه القانون المدني وبيّن تعريفه وأركانه وشروطه وحالات إبطاله ، وعلى هذا الأساس فإن هناك فروق جوهرية بين التحكيم والصلح تميزهما عن بعضهما.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: عدم جواز الإدعاء ببطلان عقد الصلح عن طريق دعوى البطلان أمام محكمة الاستئناف إذا لم يتم تضمين الصلح في حكم التحكيم:*

➖➖➖➖➖


*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز تقديم دعوى البطلان في عقد الصلح أمام محكمة الاستئناف طالما أنه لم يتم تضمين عقد الصلح في حكم التحكيم حتى لو كانت القضية التي تم التصالح فيها منظورة أمام المحكم وتم التصالح بنظر المحكم طالما أنه لم يتم تضمين عقد الصلح في حكم التحكيم، لأن دعوى البطلان أمام محكمة الاستئناف لا تقبل إلا إذا كان المطلوب بطلانه في الدعوى  حكم التحكيم، لأن عقد الصلح إذا لم يتم تضمينه في حكم التحكيم فأنه يظل عقد صلح يخضع لإجراءات دعوى إبطال العقد التي ترفع أمام المحكمة الابتدائية وليس أمام محكمة الاستئناف.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: تضمين حكم التحكيم عقد الصلح:*

➖➖➖➖➖


*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه كان يجب على هيئة التحكيم أن تقوم بتضمين عقد الصلح في حكم التحكيم وإعتبار الخصومة التحكيمية المنظورة أمامها منتهية بالصلح، حيث يتضمن حكم التحكيم في هذه الحالة بيانات حكم التحكيم التي اشترطها قانون التحكيم في المادة (48) وان يتم التصريح في أسباب الحكم بأن هيئة التحكيم تأكدت من رضاء وموافقة الخصوم على ما ورد في عقد الصلح وأنه قد تأكد لها صحة وشرعية ما ورد في عقد الصلح، واستناداً إلى ذلك يتم النطق بالحكم وهو اعتبار الخصومة التحكيمية منتهية بالصلح عملاً بالمادة (46) تحكيم ، وقد فسر الحكم محل تعليقنا الوثيقة المشار إليها في المادة (46) تحكيم بانها حكم تحكيم  المتضمن عقد الصلح المشتمل على بيانات حكم التحكيم المنصوص عليها في المادة(48 ) تحكيم، وهذا التفسير سديد، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني