اختصام النيابة في استئناف قرارها

 اختصام النيابة في استئناف قرارها

 دراسات وابحاث الاستاذ الدكتور/عبدالمؤمن شجاع الدين - استاذ الفقة المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء " ونشر الوعي الديني والقانوني المرتبط بفقة الواقع"  16 مايو 2021 (0)


اختصام النيابة في استئناف قرارها

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين


الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء


تجمع النيابة العامة في اليمن بين سلطات كثيرة منها سلطة الاشراف على مأموري الضبط القضائي وسلطة التحقيق وسلطة الادعاء وسلطة تنفيذ قرارات القاضي الجزائي في اثناء المحاكمة ثم سلطة تنفيذ الأحكام الجزائية إضافة ان النيابة جزء من السلطة القضائية وفقاً لأحكام الدستور لانها تصدر  قرارات ذات طابع قضائي مثل قرار الإحالة أو قرار الحفظ أو القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى، ولذلك فأن قرارات النيابة تخضع  للطعن لتصويب أية تجاوزات أو اخطاء، من قرارات النيابة القابلة للطعن القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى، ولا ريب أن الطعن في قرار النيابة بان لا وجه لإقامة الدعوى له طبيعة خاصة حسبما اشار الى ذلك الحكم محل تعليقنا ،وهو الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11/3/2013م في الطعن الجزائي رقم (46402) وتتلخص القضية التي تناولها هذا الحكم ان احد الاشخاص تقدم بشكوى إلى النيابة ذكر فيها ان شخصاً قام بسبه وتهديده فقامت النيابة بالتحقيق في الشكوى حيث طلبت النيابة من الشاكي تقديم ادلته على واقعة السب والتهديد فعجز الشاكي عن تقديم الادلة فأصدرت النيابة قراراً بان لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الادلة فقام الشاكي باستئناف القرار الصادر عن النيابة ولكنه ذكر في الاستئناف ان المطعون ضده هو المشكو به وليس النيابة المصدرة للقرار فقام المشكو به بتقديم دفع امام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف لان الشاكي المستأنف لم يوجه الاستئناف إلى النيابة وإنما وجه الاستئناف إلى المشكو به ،فقضت الشعبة الجزائية بقبول الدفع شكلاً وموضوعاً وعدم قبول الاستئناف، وقد جاء في اسباب الحكم الاستئنافي (انه قد تبين للشعبة ان الاستئناف مرفوع ضد المشكو به ولم يتوجه الاتهام إلى النيابة التي اصدرت القرار المطعون فيه)، فقام الشاكي المستأنف بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي،وقد قبلت الدائرة الجزائية الطعن ونقضت الحكم الاستئنافي، وقد ورد في اسباب حكم المحكمة العليا (فقد تبين للدائرة ان الحكم الاستئنافي قد خالف المادة (71) مرافعات التي توجب على محكمة الاستئناف تصحيح الاحراء الباطل، ومن ثم فان نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه صحيح حيث كان يجب عليها ان تأمر المستأنف الطاعن حالياً بتوجيه استئنافه إلى النيابة وتوجيه طلباته إليها كما ان الدائرة قد وجدت الطاعن قد وجه الاستئناف إلى النيابة مصدرة القرار والمشكو به حسبما هو مبين في الاستئناف المقدم من الطاعن) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الاوجه الأتية :


الوجه الأول : المركز القانوني للنيابة العامة في اصدار قرارها بان لا وجه لإقامة الدعوى :

من خلال استقراء احكام المادة (218) إجراءات نجد انها قد اناطت بالنيابة العامة اصدار قرارً مسبب بان لا وجه لإقامة الدعوى اذا تبين للنيابة بعد التحقيق ان الواقعة لا يعاقب عليها القانون أو لا صحة لها، وتقرر المادة (219) عدم جواز العودة إلى إجراء التحقيق بعد قرار النيابة بان لا وجه لإقامة الدعوى إلا اذا ظهرت ادلة جديدة ،كما اجازت المادة (224) إجراءات استئناف قرار النيابة بان لا وجه لإقامة الدعوى ، ومن خلال مطالعة هذه النصوص نجد ان القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى ذو طبيعة قضائية خاصة والدليل على ذلك خضوعه للاستئناف مثله في ذلك مثل الحكم الابتدائي، وهذا الامر من الحيثيات التي جعلت النيابة العامة من ضمن اجهزة السلطة القضائية، إلا أن قرار النيابة بان لا وجه للدعوى وان كان ذي طابع قضائي إلا أنه ليس قراراً قضائياً محضاً والا لما جاز اختصام النيابة التي اصدرت القرار، لان الطعن في الحكم القضائي لا يتم فيه اختصام القاضي الذي اصدره وإنما يتم اختصام الحكم المطعون فيه.


الوجه الثاني : اختصام النيابة عند استئناف القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى :

من خلال مطالعة وقائع الحكم محل تعليقنا نجد أن محل النقاش بشأن اختصام النيابة التي اصدرت القرار الذي تم استئنافه حيث صرح الحكم الاستئنافي  بأنه كان من الواجب على المستأنف للقرار أن يختصم النيابة العامة التي اصدرت القرار، ولذلك رفضت الشعبة الاستئنافية الاستئناف بذريعة ان المستأنف اختصم المشكو به ولم يختصم النيابة مصدرة القرار ،وهذا ما المح اليه حكم المحكمة العليا حينما ذكر بان الطاعن كان قد اختصم النيابة مصدرة القرار بالإضافة إلى المشكو به، وبناءً على ذلك فانه ينبغي اختصام النيابة مصدرة القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى، لان القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى وان كان له طابع قضائي إلا أنه صادر من سلطة التحقيق والاتهام وليس من محكمة، وترجع فكرة اختصام النيابة التي اصدرت القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى إلى أن القرار قد صدر في قضية جنائية كانت النيابة العامة تتولى التحقيق فيها ثم تصرفت  فيها بالقرار بان لا وجه لإقامة الدعوى، فالواجب عند استئناف ذلك القرار ان تمثل النيابة أمام الشعبة للدفاع عن قرارها وبيان وجهة نظرها، فالقضية ليست مدنية حتى يختصم الشاكي غريمه في مرحلة الاستئناف بمعزل عن النيابة المصدرة للقرار.


الوجه الثالث: وجوب تصحيح محكمة الاستئناف للاجراء الباطل :

قضى الحكم محل تعليقنا بانه كان يتوجب على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع ان تصحح الاجراءات الباطلة التي شابت اجراءات استئناف القرار بان لاوجه لاقامة الدعوى لاسيما ومحكمة الاستئناف كانت على علم بتلك الاجراءات الباطلة حسبما ورد في اسباب الحكم الاستئنافي ،فمن اهم وظائف محكمة  الاستئناف تصويب الاخطاء وتصحيح الاجراءات الباطلة، وهذا الالتزام مقرر على محكمة الاستئناف على وجه الوجوب بمقتضى المادة (71) مرافعات، والله اعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني