سبق سماع القاضي المرافعة لايمنعه من نظر القضية

 *سبق سماع  القاضي المرافعة لايمنعه من نظر القضية*

 

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان مجرد  سبق سماع القاضي للمرافعة في القضية دون ان يفصل فيها بحكم  لا يمنع القاضي من نظر القضية إذا عرضت عليه في درجة أعلى، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-9-2016م في الطعن رقم (58274)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وعليه وبعد الإطلاع على الأوراق مشتملات ملف القضية تجد الدائرة ان الطاعن نعى على الحكم الاستئنافي المطعون فيه أنه صدر من هيئة قضائية توفر في أحد اعضائها حالة من حالات التنحي الوجوبي، إذ أن عضو الشعبة التجارية التي أصدرت الحكم المطعون فيه القاضي ... سبق له نظر القضية بالمحكمة التجارية الابتدائية عام...، حيث استمع ذلك القاضي إلى مرافعات الطرفين ووجه لهما الاستفسارات واستمع الى شهودهما وقرر تعيين محاسب قانوني، ولذلك فقد توفرت في جانب القاضي حالة من حالات التنحي الوجوبي المنصوص عليها في المادة (128) مرافعات، مما يترتب على ذلك بطلان الحكم وفقاً لأحكام المادة (129) مرافعات، والدائرة تجد ان هذا الطعن ليس في محله، ذلك ان القاضي المذكور لم يتم منه صدور حكم في الدعوى، فمجرد نظر القاضي للدعوى لا يعد سبباً موجباً للتنحي مالم يكن قد فصل فيها وفقاً لأحكام المادة (128) فقرة (7) من قانون المرافعات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: سند الحكم محل تعليقنا في قضائه بان سبق سماع القاضي للمرافعة لا يوجب تنحيه:*

➖➖➖➖➖


*▪️حسبما هو ظاهر في أسباب الحكم محل تعليقنا نجد أنه قد أستند إلى الفقرة (7) من المادة (128) مرافعات التي نصت على ان: (يكون القاضي أو عضو النيابة ممنوعاً من نظر الدعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه ولو لم يطلب الخصوم ذلك في الأحوال الآتية: -7- إذا كان قد افتى في الدعوى أو ترافع فيها عن احد الخصوم أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى أو نظرها خبيراً أو محكماً وأبدى رأيه فيها أو أدى شهادة فيها قبل عمله بالقضاء أو كان لديه علم خاص بها) فهذا النص قد اشترط صراحة ان القاضي لا يتنحى أو يمتنع عليه نظر القضية إلا إذا كان قد سبق له ان سمع المرافعة فيها واصدر حكمه في القضية بعد نظره لها في درجة أدنى، أما مجرد سماع القاضي للمرافعة في القضية وسماع الشهود وندب الخبراء فيها وغير ذلك من الإجراءات التي لم تصل إلى مرحلة حكم القاضي فيها أو نطقه بالحكم فلا تكون إجراءات نظر القضية موجبة للتنحي طالما ان القاضي لم ينطق بالحكم فيها، وبالإضافة إلى النص القانوني السابق ذكره الذي أستند إليه الحكم محل تعليقنا فإن هذا الحكم يجد تبريره أيضا في ان مجرد سبق سماع القاضي لمرافعات الخصوم والشهود أو غيرها من الإجراءات التي لا تصل إلى النطق بالحكم لا تتكون خلال هذه الإجراءات قناعة القاضي او عقيدته ووجهته في القضية، لان مرحلة المرافعة لاتخضع لدراسة القاضي واحاطته الشاملة لجوانب القضية المختلفة كما هو الحال بعد حجز القضية للحكم تمهيداً للفصل فيها بحكم، فبعد حجز القضية للحكم ودراسة القاضي لأوراق القضية تتولد لدى القاضي قناعته وعقيدته ووجهته واحاطته بكافة وقائع القضية وأسانيدها الواقعية والقانونية، ففي هذه الحالة يجب على القاضي ان ينتحى عن نظر القضية إذا تم عرضها عليه في درجة أعلى، لان القانون افترض ان وجهة القاضي في الدرجة الأعلى لن تتغير عما كانت عليه في الدرجة الأدنى، اما قانون المرافعات المصري فقد اختصر حالات الإمتناع الوجوبي إلى أربع حالات فقط ليس من بينها حالة سبق نظر القاضي للقضية والحكم فيها، في حين توسع القانون القضائي الفرنسي (قانون المرافعات) توسع في حالات الإمتناع الوجوبي فقد اوصلها إلى (13) حالة منها الحالة (12) وهي حالة (إذا كان قد سبق للقاضي التعرف على النزاع كقاضي أو محكم) والنص الفرنسي يجعل مجرد سماع القاضي للمرافعة اوعلمه الشخصي بتفاصيل القضية سبباً موجباً لإمتناعه عن نظر القضية طالما ان القاضي قد وقف وتعرف على النزاع، لان ذلك سيؤثر حتماً في قضائه، ونحن نؤيد ما ذهب إليه القانون الفرنسي في هذا الشأن لما في ذلك من حماية للقاضي من الشكوك والمخاوف التي تساور الخصوم ولما في ذلك مصلحة القضاء وسدا لذريعة القناعات المسبقة لدى القاضي في هذه الحالة.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: العلة من إمتناع القاضي عن نظر القضية التي سبق له ان نظرها:*


➖➖➖➖➖


*▪️من أهم مبادئ المحاكمة العادلة انه يجب على القاضي ان يستمد  معلوماته عن القضية التي ينظرها من خلال المرافعات والمذكرات التي يقدمها إليه الخصوم اثناء جلسات المحاكمة العلنية، حيث يتبادل الخصوم المواجهة في عرض حججهم واسانيدهم أمام القاضي، ومن خلال ذلك يستمد القاضي عناصر قناعته ومكونات عقيدته ووجهته في القضية، فإذا كان القاضي قد سبق له ان وقف على وقائع القضية واسانيدها وحجج الخصوم من خارج ملف القضية وجلسات المحاكمة، فإن ذلك خلل خطير في مبادئ المحاكمة العادلة، فإذا كان القاضي قد سبق له ان احاط بالقضية من خلال مطالعته لمذكرات الخصوم في قضية سابقة بمناسبة نظره للقضية أو ترافعه فيها أو كتابته لمذكرات الخصوم أو علمه الشخصي في القضية فلا شك ان ذلك مؤثر على عقيدة القاضي وقناعته عند نظره لها مجددا في درجة أعلى، حيث سيبني عقيدته وقناعته عند نظرها في درجة أعلى من خلال معلوماته ومطالعاته السابقة للقضية، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني