تطابق أسباب الحكم مع وقائع النزاع

 تطابق أسباب الحكم مع وقائع النزاع*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*



➖➖➖➖➖


*▪️عدم تطابق أسباب الحكم مع وقائع النزاع يجعل الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب مما يستلزم إبطاله حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-11-2017م في الطعن رقم (58898)، الذي جاء في أسبابه ((وبالرجوع إلى أسباب الطعن والحكم الاستئنافي المطعون فيه فقد وجدت الدائرة ان نعي الطاعن في محله، حيث ان أسباب الحكم ومنطوقه تختلف مع وقائع القضية، وان الأسباب التي ذكرها الحكم الاستئنافي لا تمت إلى الحقيقة بسبب حيث لم يشر الحكم الاستئنافي إلى الأدلة والشهادات التي أستند إليها الحكم الابتدائي التي اثبتت ان الممر المتنازع عليه بين الطرفين هو ممرمشترك بينهما، الأمر الذي يجعل الحكم الاستئنافي مشوباً بالقصور، ولذلك فالمتعين هو القضاء بنقضه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: مناهج القضاء في عرض محصل النزاع (الوقائع) في أسباب الحكم:*

➖➖➖➖➖


*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب تطابق أسباب الحكم مع وقائع النزاع، وصرح الحكم بان عدم التطابق بين الوقائع والأسباب قصور في التسبيب يبطل الحكم، ومن مقتضيات هذا التطابق ان يعرض الحكم وقائع النزاع عند تسبيب الحكم, وتسود في اليمن ثلاثة مناهج لعرض الوقائع عند التسبيب: المنهج الاول: يستهل تسبيب الحكم بعرض موجز لوقائع النزاع وهو مايعبر عنه في اليمن بـ (ملخص النزاع) وهو غير محصل النزاع الذي يتضمن كافة الإجراءات التي تمت أمام هيئة الحكم بينما (ملخص الحكم) الذي يتم ذكره في مقدمة أسباب الحكم هو عبارة عن خلاصة مرتبة للوقائع المدعى بها والدفوع واوجه الدفاع والأدلة المقدمة من الخصوم كل خصم على حدة، وبعد أن يلخص الحكم في مقدمة التسبيب وقائع النزاع يقوم بمناقشة طلبات المدعي وادلته ثم ينتقل الحكم إلى مناقشة دفوع ودفاع المدعى عليه وبعدئذ يقوم القاضي بوزن الادلة وتقديرها والترجيح فيما بين ادلة الطرفين تمهيدا لمنطوق الحكم،: المنهج الثاني: يقوم بالدمج بين الوقائع والمناقشة حيث يتم عرض الوقائع ومناقشتها في آن واحد، فيعرض القاضي الوقائع والادلة الخاصة بكل خصم على حدة المدعي ثم المدعى عليه، ويناقشها فيتم تقديرها ووزنها في ضوء الأسانيد القانونية والواقعية، وفي ختام التسبيب يخلص الحكم إلى الترجيح بين أدلة واسانيد الطرفين الذي يكون توطئة لمنطوق الحكم، وهناك منهج ثالث في القضاء اليمني يقوم بالتوسع في عرض ملخص الوقائع في مقدمة التسبيب حيث يتم عرض  ملخص الوقائع بصورة موسعة على غرار محصل النزاع كما لو أن الملخص نسخة أخرى لمحصل إجراءات المحاكمة ثم يناقش الوقائع والأدلة، ونحن نحبذ الاتجاه الأول الذي يعرض الوقائع والأدلة ويناقشها معاً ،وهو الاتجاه الأول السابق ذكره شريطة ان يكون عرض الوقائع والأدلة وافٍ ومرتبا بحسب ترتيب اطراف النزاع (المدعي أولا ثم المدعى عليه) لان هذا المنهج يحقق فكرة التطابق بين الوقائع والأسباب التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: المقصود بالتطابق بين الوقائع والأسباب:*


➖➖➖➖➖


*▪️التطابق بين الوقائع والأسباب يقصد به ان تتناول الأسباب وقائع النزاع كما هي ثابتة في أوراق القضية مثل الممر المشترك المشار إليه في الحكم محل تعليقنا، فهذه الواقعة كانت ثابتة في الحكم الابتدائي بأدلة كافية في حين جاءت أسباب الحكم على أساس ان الممر ملك للمطعون ضده وحده، كما ان من مقتضيات هذا  التطابق بين الوقائع والأسباب ان يعرض الحكم في اسبابه الوقائع والأدلة  ويناقشها حتى تكون حاضرة في ذهن القاضي ومتطابقة على النحو السابق بيانه في الوجه الأول، ومن مقتضيات التطابق أيضاً ان تكون المناقشة والتسبيب متصلة اتصالاً مباشراً بالواقعة وأدلتها ومنسجمة معها، ويندرج ضمن مفهوم التطابق ايضا الترتيب الجيد لأوجه مناقشة الواقعة وادلتها بحسب اهميتها.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: تطابق الوقائع مع الأسباب وإحاطة القاضي بالقضية:*

➖➖➖➖➖


*▪️من أهداف ملخص النزاع الذي يتم ذكره  في مقدمة أسباب الحكم هو التدليل على فهم القاضي وإحاطته الكاملة بوقائع القضية وتفاصيلها بعد دراسة القاضي لملف القضية حتى تتطابق وقائع الحكم واسبابه ومنطوقه، ولذلك فان التطابق بين الوقائع والأسباب عند تسبيب الحكم ثمرة من ثمار إحاطة القاضي الشاملة بوقائع القضية وأدلتها وأسانيدها وفهمه الدقيق والعميق لها، وعلى العكس من ذلك فإن عدم إحاطة القاضي بالقضية تظهر في عدم تطابق أسباب الحكم مع وقائعه، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني