المصلحة المحتملة في رفع الدعوى في القانون اليمني

*المصلحة المحتملة في رفع الدعوى*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️صرح قانون المرافعات بأنه يكفي عند رفع الدعوى ان تكون للمدعي مصلحة محتملة، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بذلك، ومن جهة ثانية صرح قانون الإثبات بأنه يحظر على القاضي قبول طلبات إثبات الواقعة والقرار فيها، وهذا ماسنتاوله  في سياق التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-3-2013م في الطعن رقم (51604)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: ((وتتوصل الدائرة إلى أنه يستفاد من المذكرات المقدمة من المطعون ضده ان...... مساهم وشريك في شركة...... وأنه حاصل على تفويضات من رئيس مجلس إدارة ومدير عام الشركة التي قام احد الشركاء فيها بقبول حوالة الدين عليها، وهذه الحوالة هي محل النزاع، والدائرة تجد ان ما يجادل به الطاعن بشأن صفة ومصلحة الشريك الذي رفع الدعوى فلا جدوى من مجادلة الطاعن تلك ، لان قانون المرافعات ينص على أنه: تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من رفع الدعوى الإحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه حسبما هو مقرر في المادة (75) مرافعات، فمصلحة الشريك..... في رفع الدعوى متوفرة لأنه من ناحية شريك في الشركة التي قدم الدعوى نيابة عنها، فضلاً عن ان لديه تفويض من رئيس مجلس الادارة ومدير عام الشركة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: ماهية المصلحة المحتملة في الدعوى:*

➖➖➖➖➖


*▪️اجاز قانون المرافعات ان تكون مصلحة المدعي محتملة، حيث نصت المادة (75) مرافعات على أنه: (لا تقبل أي دعوى أو طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الإستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه) فيكفي لكي تقبل الدعوى ان تكون المصلحة محتملة أي ان الضرر لم يقع بعد على الحق أو المركز القانوني ولكن من المحتمل وقوعه أو ان هناك خشية حقيقية من وقوعه، فيتم تقديم الدعوى لدفع هذا الضرر المحتمل، ومن صور الدعاوى التي تكون فيها المصلحة محتملة دعوى إثبات الحق أو الدعوى التقريرية: وهي التي يطلب فيها المدعي تقرير حق أو مركز قانوني حيث يخشى مقدم الدعوى المنازعة في هذا الحق مستقبلاً لأنه يخشى من إحتمال تعرضه للمنازعة في هذا الحق مستقبلاً، ويشترط لرفع هذه الدعوى ان يكون هناك إنكار لهذا الحق وان ينصب الإدعاء على حق معين، ومن ضمن الدعاوى التي تكون فيها مصلحة المدعي محتملة دعوى قطع النزاع وتكون عندما يزعم شخص بوجود حق له في ذمة المدعي، فيقوم برفع دعواه أمام القضاء لإثبات عدم صحة هذه المزاعم، حيث يتم الحكم في دعواه فيستقر حقه وتمتنع بشأنه المنازعة مستقبلاً، ويشترط ان تكون هذه المزاعم جدية وان تبلغ حداً من التعيين مما يضر بالمركز المالي أو الأدبي للمدعي في هذه الدعوى، وقد كانت الدعوى في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا من هذا النوع حيث قام احد الشركاء في الشركة بقبول حوالة دين للغير على الشركة  وذلك بمبلغ كبير،  فنازعت الشركة في ذلك مع الشريك الذي قبل حوالة الدين على الشركة وتم إدخال المحال له بالدين على أساس ان المحال له بالمبلغ سيرجع مستقبلا على الشركة مطالباً بمبلغ الدين المحال على الشركة، ومن أمثلة الدعاوى التي تكون مصلحة المدعي فيها محتملة الدعاوى التي يكون الغرض من رفعها الحفاظ على دليل، إذ أن الأصل أنه لا يجوز ان يطلب من القضاء إجراء تحقيق في منازعة قد تثور في  المستقبل من أجل إثبات دليل أو هدمه إلا أن القانون بناءً على المصلحة المحتملة قد اجاز قبول الدعاوى التي يكون الهدف منها الإستيثاق من حق يخشى زوال دليله عند المنازعة فيه، فالمصلحة المحتملة تقتضي الإسراع من أجل الحفاظ على أدلة قد تفيد في نزاع في المستقبل أو هدم دليل حتى يمنع الإحتجاج به في نزاع في المستقبل، ومن هذه الدعاوى دعوى إثبات الحالة التي تهدف إلى إثبات واقعة يخشى ضياع معالمها إذا لم يتم إثباتها على وجه السرعة، فالهدف من هذه الدعوى هو مجرد معاينة وإثبات لحالة الشيء الذي قد يصبح محل منازعة مستقبلاً مثل إثبات آثار الحوادث والوقائع، كما تندرج ضمن الدعاوى التي تكون فيها المصلحة محتملة دعوى تحقيق الخطوط الأصلية، إذ تقبل رغم أنه لم يتم التمسك بالورقة محل التحقيق: وصفوة القول أن الدعاوي التي تكون فيها المصلحة محتملة غير قابلة للحصر، فما سبق ذكره سواء في نص المادة(75 ) مرافعات  السابق ذكره او في غيره تم ذكرها على سبيل المثال لا الحصر، لان الدعاوى المحتملة غير قابلة للحصر (الوسيط في قانون القضاء المدني، د.فتحي والي، ص68) و(الشروط السلبية العامة لوجود الحق في الدعوى القضائية، د.محمود التحيوي، ص130)*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: حظر قانون الإثبات لنظر طلب إثبات الواقعة:*

➖➖➖➖➖


*▪️بموجب تعديل قانون الإثبات التي  تم بالقانون رقم (20) لسنة 1996م فقد تم إستحداث المادة (8) مكرر التي نصت على أنه: (لا يجوز للمحاكم النظر في أي دعوى إلا بعد عرضها على المدعى عليه للرد عليها والدخول في خصومة مع المدعي بشأنها، ويحظر على المحاكم حظراً باتاً النظر في طلب ما يسمى بإثبات الواقعة وإصدار أي قرار بشأنه) والظاهر من صيغة هذا النص انه تم استحداثه على خلفية صدور أحكام قضائية في دعاوى إثبات حالة كان يتوسل بها الغاصبون لأملاك الأرض للحصول على أحكام قضائية تصبغ الصفة الشرعية على غصبهم لأملاك الغير، حيث كانت ترفع دعاوى إثبات الحالة لإثبات ملكية اموال في مواجهة منصبين يتقاضوا اجورهم من المدعين الغاصبين ، حيث كان المنصبون يكتفون بإنكار الدعوى، وحينئذ يكون المدعي جاهزاً بشهود الإثبات حيث كانت تصدر أحكام إثبات الواقعة في يوم واحد، ومع ان قانون المرافعات النافذ قد صدر في عام 2002م أي في تاريخ لاحق لإستحداث المادة (8) مكرر إثبات، ومع ان قانون المرافعات قانون خاص ينظم إجراءات التقاضي، ومع ان قانون المرافعات قد نص صراحة على إعتبار المصلحة المحتملة على النحو السابق بيانه إلا أن القضاة حتى اليوم يتهيبون في قبول طلبات إثبات الواقعة رغم أهمية هذه الطلبات في بعض الحالات لاسيما في الحوادث ومنها حوادث الحرب، حيث يذهب بعضهم إلى أنه بالإمكان الإستعاضة عن طلبات إثبات الواقعة بالمحاضر الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة التي تثبت الوقائع والحوادث وغيرها، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني