لا شفعة لمن سبق له ان أعرض عن شراء المبيع

 *لا شفعة لمن سبق له ان أعرض عن شراء المبيع*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️الشفعة مقررة في الشرع والقانون لدفع مضار الشراكة والخلطة في أصل العين المشفوعة أو في الطريق إليها أو في سقي العين المشفوعة، كما ان الشفعة في جوهرها رخصة للشفيع تخضع لتقديره الشخصي من حيث حدوث الضرر عليه من عدمه، ومع ان الشرع والقانون قد افترضا ان الضرر حاصل للشفيع إلا ان مسألة حصول الضرر على الشفيع تخضع لتقديره الشخصي، فله ان يطلب الشفعة أو لا يطلبها شريطة أنه إذا أراد طلب الشفعة فيجب عليه ان يفصح عن رغبته خلال مدة قصيرة (ثلاثة أيام) من تاريخ علمه بالبيع والشراء، ولكن إذا قام المالك بعرض بيع العين على الشفيع  فاعرض الشفيع عن ذلك  حتى ولو لم يصرح بعدم رغبته فإنه لا يجوز للشفيع بعد ذلك أن يطلب الشفعة إذا قام المالك ببيع العين إلى غير الشفيع، لأنه قد سبق للشفيع ان أعرض عن شراء العين حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-12-2013م الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبرجوع الدائرة إلى أوراق القضية فقد تبين ان ما اثاره الطاعن غير مؤثر في الحكم المطعون فيه، لأنه قد تبين لدى محكمتي الموضوع ثبوت عرض المبيع المشفوع فيه على الطاعن  الذي رفض الشراء وتراخى عن طلب الشفعة، وحيث ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد جاء موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بقبول الدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة لثبوت عرض المبيع عليه ورفضه الشراء وتراخيه عن طلب الشفعة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: سند الحكم محل تعليقنا بأنه لا شفعة لمن سبق له ان أعرض عن شراء المبيع:*

➖➖➖➖➖


*▪️سند الحكم في ذلك هو الفقرة (5) من المادة (1260) مدني التي نصت على أنه: (يشترط لصحة الشفعة ما يأتي: -5- ان لا يكون البائع قد عرض المبيع على الشفيع فرغب عن الشراء فيسقط حقه) فهذا النص صريح في ان إعراض الشفيع عن شراء العين يسقط حقه في طلب الشفعة بعد ذلك، لان الشفعة رخصة لدفع مضار الخلطة والشراكة في العين أو في الشرب أو الطريق، وهذه المضار تخضع للتقدير الشخصي للشفيع، فله ان يطلب الشفعة وله ان لا يطلب ذلك، كما ان الشفيع قد يجد نفسه عاجزاً عن دفع الثمن، كما أنه قد يجد ان المشتري للعين اقل ضرراً من شراكته للبائع، فالشفعة ليست من النظام العام الذي لا يجوز التنازل عنه أو الإتفاق على خلافه.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: تبرير سقوط حق الشفعة بسبق إعراض الشفيع عن شراء العين المشفوعة:*

➖➖➖➖➖


*▪️إذا سبق للشفيع ان أعرض عن شراء العين المشفوعة التي عرض بيعها عليه مالكها فإن ذلك يدل على أنه قد قدر ان شراكته ومخالطته للبائع أكثر ضررا من المشتري للعين، أو ان الشفيع وجد نفسه غير قادر على دفع ثمن العين أو ان الشفيع لا يرغب أصلاً في تملك العين المشفوعة، فلا يجبر الشفيع في هذه الحالة على الشفعة وإن كان تعريف تعريف الشفعة: بأنها تملك جبراً إلا أن الشفيع لا يجبر على ذلك إذا أعرض عن الشراء.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: معنى(رغب عن الشراء) في الفقرة(5) من المادة(1260) مدني:*

➖➖➖➖➖


*▪️ سبق أن ذكرنا ان الفقرة(5) من المادة( 1260) مدني قد نصت على أنه( ان لا يكون البائع قد عرض المبيع على الشفيع فرغب عن الشراء فيسقط حقه) ومعنى رغب عن الشراء أعرض عن الشراء، فهذا التعبير على شاكلة ماورد في قوله تعالى(قال أراغب انت عن الهتي ياابراهيم )، والرغبة عن الشئ معناها عدم الرغبة في الشئ، وعدم الرغبة قد يتحقق بالقول الصريح الصادر من الشفيع بعدم رغبته في شراء العين او تعبيره عن ذلك بالكتابة او غيرها من وسائل التعبير عن الإرادة، كما قد يحصل المقصود عن طريق إعراض الشفيع عن شراء المبيع المعروض عليه وسكوته وعدم رده على عرض المالك للعين عليه، حيث يفهم من سكوت الشفيع على أن ذلك يدل على عدم رغبته بشراء العين المعروضة عليه ، ففي غالب الحالات يسكت الشفيع عندما يعرض عليه المالك شراء المبيع، فلا يجيب الشفيع بالقبول أو الرفض، وهذه المسألة تثير إشكاليات في الواقع العملي، حيث يذهب جمهور الفقه الإسلامي إلى أن السكوت في هذه الحالة إعراض عن الشراء  اي  رفض إذا لم يجب الشفيع بالقبول خلال ثلاثة أيام من تاريخ عرض المبيع عليه، فقد ذهب الفقه الإسلامي إلى سقوط حق الشفيع في طلب الشفعة إذا لم يقبل المبيع عند عرضه عليه من قبل البائع، لان سكوت الشفيع عند عرض المبيع عليه يفسر عند جمهور الفقه الإسلامي على أنه إعراض عن الشراء، ولذلك لا تثور مشكلة عند إثبات إعراض الشفيع عن الشراء بخلاف الحال عندما يتم إثبات رفض الشفيع الشراء بقوله الصريح (فقه المعاملات المالية المعاصرة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص221)، وقد أخذ القانون المدني برأي غالبية الفقهاء، حيث استعمل القانون صيغة (فرغب الشفيع عن شراء المبيع) فالرغوب عن الشيء يكون بالتصريح عن عدم الرغبة في الشئ أي يرفض الشراء بالقول الصادر من الشفيع، كما قد يكون بالإعراض عن الشراء حين عرض المبيع على الشفيع  فيسكت الشفيع فلا يصرح بالرفض، ولا شك إن إثبات إعراض الشفيع عن شراء المبيع اسهل وأدق من إثبات رفض الشفيع بالقول الذي لا يصرح به الشفيع إلا نادرا، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني