أسس تعديل الحكم الابتدائي*

 *أسس تعديل الحكم الابتدائي*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️تملك محكمة الاستئناف بإعتبارها محكمة موضوع ان تحكم بتعديل الحكم الابتدائي المطعون فيه، لان الاستئناف يعيد طرح النزاع وفقاً لمبدأ الأثر الناقل للاستئناف الذي يجسد مبدأ التقاضي على درجتين، فوظيفة محكمة الاستئناف معالجة أوجه المخالفة أو الخطأ أو القصور وتصحيح الإجراءات الباطلة التي شابت الحكم الابتدائي، غير ان محكمة الاستئناف لا تملك تعديل الحكم الابتدائي دون ان تبين في أسباب حكمها الأسس القانونية والواقعية التي جعلتها تقضي بتعديل الحكم الابتدائي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-7-2012م في الطعن رقم (49386)، حيث ورد ضمن أسباب الحكم ((ان البين من السبب الثاني من أسباب الطعن أنه في محله حيث نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه انه لم يفصح في أسبابه عن سنده القانوني في تعديله مبلغ  التعويض المحكوم به من مبلغ.... إلى مبلغ....، ولذلك فإن هذا النعي في محله، إذ أن تعديل الشعبة لمبلغ التعويض إلى مبلغ.... قد جاء تقديراً جزافياً، حيث لم تبين الشعبة في حكمها الأساس الواقعي والقانوني الذي أستند إليه حكمها  في تعديل التعويض إلى هذا المبلغ مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور في التسبيب وعرضة للبطلان.)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: وظيفة محكمة الاستئناف كمحكمة طعن ومحكمة موضوع بالنسبة للحكم الابتدائي:*

➖➖➖➖➖


*▪️محكمة الاستئناف بالنسبة للحكم الابتدائي محكمة طعن تتولى الرقابة على مدى صحة وسلامة الحكم الابتدائي وتصحيح الإجراءات المخالفة وأوجه القصور التي تشوب الحكم الابتدائي، غير أن محكمة الاستئناف لا تتصدى لتلك المخالفات وأوجه القصور من تلقاء ذاتها إلا إذا كانت متعلقة بالنظام العام واتصلت بها محكمة الاستئناف ، ولذلك ينبغي على الطاعن في الحكم الابتدائي ان يثير في عريضة استئنافه أوجه المخالفة والقصور في الحكم الابتدائي، فإذا أثار المستأنف في استئنافه أوجه القصور والمخالفات في الحكم الابتدائي، فإن هذا الاستئناف يعيد طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف عملاً بالمادة (288) مرافعات، فعندئذ يجب على محكمة الاستئناف بإعتبارها محكمة موضوع ان تقوم ببحث المسائل ألموضوعي واوجه الدفاع والدفوع المثارة في الاستئناف والردود والتعقيبات وان تناقش في أسباب حكمها  أدلة الخصوم ودفاعهم ودفوعهم وان تذكر اسباب أخذها ببعضها وطرحها لبعضها، وفي ضوء ذلك يتوصل الحكم الاستئنافي إلى تأييد كل فقرات منطوق الحكم الابتدائي كاملة كما هي أو الغائها كاملة أو تأييد بعض فقرات منطوق الحكم وإلغاء بعضها الأخر او تعديل الشئ المحكوم به في اي من فقرات الحكم، وفي كل هذه الحالات يكون القاضي ملزماً بتسبيب ما قضى به سواءً بتأييد الحكم كله او إلغائه كاملا أو تعديله، ويجب أن يكون هذا التسبيب كافيا متضمنا الأسباب القانونية والواقعية حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: تعديل الحكم الابتدائي وبيان أسباب التعديل:*

➖➖➖➖➖


*▪️ذكرنا في الوجه الأول ان محكمة الاستئناف محكمة موضوع تملك تعديل الحكم الابتدائي، وتعديل الحكم الابتدائي  له مفهومان المفهوم الأول: تعديل فقرات منطوق الحكم الذي يقع بالغاء فقرة او إضافة فقرة إلى منطوق الحكم، والمفهوم الثاني للتعديل: الذي يقع عن طريق تعديل الشئ المحكوم به عن طريق الزيادة فيه او انقاصه في اي فقرة من فقرات منطوق الحكم الابتدائي مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا حيث قضى الحكم الاستئنافي بتعديل ملبغ التعويض عن طريق إنقاص مبلغ التعويض المحكوم به بموجب الحكم الابتدائي  وقد قضى حكم المحكمة العليا محل تعليقنا بأنه يجب عند تعديل الحكم الابتدائي ان تتضمن أسباب الحكم الاستئنافي الأسس القانونية والواقعية لهذا التعديل، وقصد الحكم محل تعليقنا من ذلك ان تتضمن أسباب الحكم الاستئنافي الأسباب القانونية والواقعية التي جعلت الحكم الاستئنافي يقضي بتعديل أية فقرة من فقرات منطوق الحكم، ومؤدى ذلك أنه يجب أن يذكر الحكم الاستئنافي  في أسبابه الأسباب التي جعلته يعدل عما ذهب إليه قضاء الحكم الابتدائي وفي الوقت ذاته يجب ان يذكر أسباب قضائه البديل لما ورد في الحكم الابتدائي، ففي هذه الحالة يكون الحكم الاستئنافي ملزما بتسبيب عدوله عما ورد في الحكم الابتدائي وبيان أسباب قضائه البديل لما ورد في الحكم الابتدائي، فتسبيب تعديل الحكم الابتدائي يجب ان يعالج الوجهتين معاً، ولا يكفي ذلك، إذ يجب ان يشتمل التسبيب في الحالتين على ذكر الأسباب القانونية والواقعية لتعديل الحكم الابتدائي، والمقصود بالأسباب القانونية هي النصوص القانونية التي أستند إليها الحكم الاستئنافي في عدوله عما ورد في الحكم الابتدائي وكذا النصوص القانونية التي أستند إليها الحكم الاستئنافي في قضائه البديل لما ورد في الحكم الابتدائي، أما الأسباب الواقعية فهي الوقائع والأدلة التي جعلت الحكم يعدل عما ورد في قضاء الحكم الابتدائي وكذا تلك التي جعلت الحكم الاستئنافي يقيم قضاؤه البديل لما ورد في الحكم الابتدائي، وبتطبيق هذا المفهوم على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد أن الحكم محل تعليقنا قد نقض الحكم الاستئنافي لأنه قضى بإنقاص التعويض المحكوم به بموجب الحكم الابتدائي من غير أن يذكر الأسباب القانونية والواقعية لذلك، ولانه أيضا لم يذكر الأسس القانونية والواقعية التي أستند إليها في تقديره للتعويض بمبلغ اقل مما توصل اليه الحكم الابتدائي، حيث كان يجب عليه ان يذكر الأسباب القانونية والواقعية التي جعلته يعدل عن الحكم بالمبلغ المحكوم به بموجب الحكم الابتدائي، وفي الوقت ذاته كان يجب على الحكم الاستئنافي أن يذكر أيضاً الأسباب القانونية والواقعية التي جعلته يحدد التعويض بمبلغ معين أقل من ذلك المبلغ المحكوم به بموجب الحكم الابتدائي.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: بيان أسباب تعديل الحكم الابتدائي من أهم ضمانات المحاكمة العادلة:*

➖➖➖➖➖


*▪️تظهر القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا أنه اشترط ان يذكر الحكم الاستئنافي ما اسماه بالأسس القانونية والواقعية لتعديل الحكم الابتدائي وفي الوقت ذاته اشترط الحكم محل تعليقنا ان تكون تلك الأسباب مبينة أي مفصلة واضحة فلا تكون مجملة اوعامة أو غامضة مثلما ورد في أسباب الحكم الاستئنافي المنقوض، وبيان الأسباب القانونية والواقعية لتعديل الحكم الابتدائي من أهم ضمانات المحاكمة المعادلة، لانها تبعث في نفوس المتقاضيين الثقة والإطمئنان والإقتناع بأحكام القضاء كما أنها وسيلة فاعلة للرقابة على مدى إحترام أحكام القضاء للنصوص القانونية والوقائع والأدلة الثابتة في أوراق القضية، علاوة على ان ذلك تنزيه للقضاة عن الحكم بالهوى، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني