التظلم من الأمر القضائي

 *التظلم من الأمر القضائي*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️التظلم من الأمر القضائي له خصوصيته التي تميزه عن التظلم من القرار أو الإجراء الإداري، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-11-2013م في الطعن رقم (51968)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق وبعد الدراسة والإطلاع تبين أن الطاعن قد تنكب الطريق الصحيح برفع التظلم إلى  رئيس محكمة الاستئناف في حين ان القانون يمنع ذلك، لان التظلم لا يكون إلا إلى مصدر الأمر أو إلى رئيس المحكمة الابتدائية، وأنه يتعين على من رفع التظلم إليه ان يصدر حكماً فيه، وهذا الحكم هو الذي يجوز استئنافه لا استئناف التظلم في ذاته، وبرجوع الدائرة لما أورده الطاعن في أسباب طعنه فقد وجدت عدم صحة تلك المناعي، فالشعبة قد راعت الطاعن بإرجاع التظلم إلى المحكمة الابتدائية، وهو ما يقتضي الرجوع إليها لبحث التظلم والحكم فيه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: ماهية الأمر القضائي الذي يتم التظلم منه:*

➖➖➖➖➖


*▪️نظم قانون المرافعات الأوامر التي يصدرها القاضي فيما يتعلق بالأمر على عريضة وأمر الأداء حيث اجاز القانون للخصم المأمور فيها ان يتظلم إلى القاضي نفسه الذي أصدر الأمر حسبما ورد في قانون المرافعات، علاوة على ذلك فأن القانون قد اناط بالقاضي إدارة الدعوى وتنظيم سير إجراءات المحاكمة في القضايا التي ينظرها القاضي، ومن مقتضيات ذلك ان يقوم القاضي بإصدار أوامر  تهدف إلى تنظيم سير إجراءات المحاكمة في القضية خلال ذلك من غير ان طلب الخصوم.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: حق الخصم في التظلم من الأمر القضائي:*

➖➖➖➖➖


*▪️إذا كان من سلطة القاضي إصدار الاوامرعلى عرائض واوامر الأداء وأوامر  تنظيم إجراءات المحاكمة في القضايا التي ينظرها لضمان حسن سير إجراءات المحاكمة وتحقيق العدالة، فإنه من الممكن ان لا يكون هناك مقتضى لتلك  الأوامر ، كما ان القاضي قد لا يكون مصيبا في إتخاذ تلك الأوامر، كما قد تصدر تلك الأوامر بناءً على بيانات وتقديرات غير صحيحة أو غير واقعية، لذلك فقد اجاز القانون للخصم المضرور من تلك الأوامر ان يتظلم من تلك الأوامر إلى القاضي نفسه الذي اصدر الأمر حتى يعيد النظر في الأمر الذي اصدره في ضوء البيانات والمعلومات والمستندات التي يضمنها المتظلم في مذكرة تظلمه.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: الفصل في التظلم من الأمر الصادر من القاضي:*

➖➖➖➖➖


*▪️مع ان الأمر قد يصدر من القاضي في غيبة الخصم كما هو الحال في الأوامر على العرائض الا ان التظلم من الأمر في هذه الحالة يجب ان يخضع لمبدأ المواجهة حيث ينبغي أن يتم اعلان من صدر الأمر لصالحه بالتظلم وكذلك الحال  عندما يكون الأمر الصادر من القاضي قد صدر بناءً على طلب مكتوب من الخصم، فعندئذ يتم إعلان من صدر الأمر لصالحه بالتظلم للرد على التظلم عملاً بمبدأ المواجهة حتى يقوم القاضي بالفصل في التظلم بحكم حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، غير أن هناك اوامر يصدرها القاضي من تلقاء نفسه من غير طلب من الخصوم بمقتضى سلطته بقصد تنظيم إجراءات المحاكمة، ولذلك فإن القاضي عند نظره للتظلم من تلك الأوامر لا يفصل فيها بحكم وإنما يقوم بإصدار أمر آخر بإلغاء الأمر المتظلم منه.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الرابع: استئناف الحكم في التظلم من الأمر:*

➖➖➖➖➖


*▪️إذا قام القاضي بالفصل في بعض الأوامر بحكم، فعندئذ يخضع هذا الحكم للقواعد العامة للطعن حيث يجوز الطعن فيه بالاستئناف حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، وهذا يتم في الغالب بالنسبة للأوامر على عرائض والأوامر المستعجلة، غير أن كثيراً من الأوامر التي يصدرها من تلقاء نفسه من غير طلب من الخصوم بقصد تنظيم وترشيد إجراءات المحاكمة بالنسبة للقضية التي ينظرها فلا تخضع للاستئناف.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الخامس: الفرق بين التظلم الإداري والتظلم القضائي:*

➖➖➖➖➖


*▪️أشار الحكم محل تعليقنا إلى أن التظلم من الأمر الصادر من القاضي يتم تقديمه إلى القاضي مصدر الأمر المتظلم منه أو إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يتبعها القاضي، وان التظلم لا يتم رفعه ابتداءً أمام محكمة الاستئناف حسبما قضى الحكم محل تعليقنا،  فالتظلم من الأمر القضائي اذا تم رفعه مباشرة إلى رئيس المحكمة فإنه يعيده إلى القاضي مصدر الأمر المتظلم منه للفصل فيه ، ولذلك فإن التظلم الرئاسي في نطاق العمل القضائي لايخول القاضي الأعلى او الرئيس الأعلى للقاضي ان يفصل في التظلم وإنما يقتصر دور القاضي الأعلى على إحالة التظلم او إعادته إلى القاضي الذي أصدر الأمر للفصل فيه، فلا يقوم القاضي الأعلى بالفصل بالتظلم لمصادمة ذلك للمبدأ الدستوري الذي ينص على إستقلال القضاة عن بعضهم فالقضاة مستقلون في عملهم القضائي عن بعضهم  ، أما التظلم من القرار أو الإجراء الإداري فالغالب فيه ان يتم رفعه إلى الرئيس الإداري لمتخذ القرار أو الإجراء وهو ما يطلق عليه التظلم الرئاسي، لان قيام الرئيس الإداري بالفصل في التظلم المرفوع اليه بشأن الأمر الصادر من مرؤوسيه يتفق مع مقتضيات سلطات الرئيس الإداري المتمثلة بالإشراف والرقابة والمتابعة والتنسيق بالنسبة للموظفين الذين يرأسهم، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني