الفرق بين نزاع الورثة المدني والشخصي

الفرق بين نزاع الورثة المدني والشخصي أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء يحدث الخلط في حالات كثيرة بين نزاعات الورثة المدنية والشخصية لاسيما عندما يكون موضوع النزاع الاموال المكتسبة من قبل الورثة بسبب الشراكة العرفية ، وقد اشار إلى هذه المسالة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24/12/2008م في الطعن رقم (32409)،وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان الأخ أدعى على اخوانه الثلاثة بانه قد قام بشراء مساحة من الأرض وسلم الأرض ووثائقها إلى اخوانه وان الأرض محل الشراء متصلة بالأرض الصائرة له ولإخوانه إرثاً من بعد أبيهم،وقد ذكر في طعنه بالنقض بان النزاع الحاصل بين الورثة في هذا الشان هو من مسائل الاحوال الشخصية وان الاختصاص بنظره للشعبة الشخصية في حين ان الشعبة المدنية قد فصلت فيه من غير ان تكون مختصة بنظره، وقد رفضت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (حيث ان النزاع في أصله مدني والدعوى المقابلة موضوعها شركة خلطة،فهذا النزاع مدني صرف فليس متعلقاً بالتركة أو ما يدخل في اختصاص الأحوال الشخصية، فقد كانت الأحكام والدعاوى واضحة في هذه المسألة) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بنظرها الشعبة الشخصية: مسائل الأحوال الشخصية هي المسائل التي نظمها قانون الأحوال الشخصية كدعاوى الزواج والفسخ والطلاق والرجعة والعدة والنفقات والمفقود والنسب والهبة والوصية والمواريث، ويضاف إلى ذلك مسائل قسمة التركات مع ان احكام القسمة قد وردت في القانون المدني لكن القضاء في اليمن قد استقر على ان دعاوى قسمة التركات تندرج ضمن مسائل الأحوال الشخصية التي يختص بنظرها القاضي الشخصي، كما تندرج ضمن مسائل الأحوال الشخصية دعاوى الاختصاص وهي الدعاوى التي يرفعها احد الورثة او بعضهم مدعياً ملكيته وإختصاصه ببعض الأموال وانها لا تدخل ضمن تركة المورث، ومع ان دعاوى الاختصاص لا تكون في الأصل من مسائل الأحوال الشخصية لان موضوعها قد يكون عقاراً يدعي المدعي ملكيته وهي مسألة مدنية كما قد يكون موضوع دعوى الاختصاص وكالة تجارية او اسماً تجارياً أو شراكة في مؤسسة تجارية أو اسهماً وسندات فعندئذ يكون موضوع دعوى الاختصاص تجارياً لكن القضاء في اليمن قد استقر على إلحاق دعاوى الاختصاص بدعوى القسمة الجبرية طالما وان دعاوى الاختصاص قد أثيرت بمناسبة حصر التركة تمهيداً لإجراء القسمة، كذلك تلحق بمسائل الأحوال الشخصية دعاوى المطالبة بالغلات والإيجارات والارباح اذا تم رفعها تبعاً لدعوى القسمة، وبتطبيق هذا المفهوم على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد ان مطالبة الطاعن او دعواه الأصلية وهي تسليمه الأرض التي اشتراها وسلمها لإخوانه الورثة ثم طالب باستعادتها وكذا الدعوى المقابلة المرفوعة من إخوة الطاعن الذين ادعوا فيها بانهم شركاء لأخيهم الطاعن فيما شراه، فالدعوى الأصلية والدعوى المقابلة موضوعهما واحد وهو الأرض المشتراة من قبل الطاعن وهل هي خاصة بالطاعن وحده ام مشتركة بينه وبين اخوانه المطعون ضدهم، فالدعوتان مدنيتان فلا صلة لموضوعهما بالتركة فالطرفان لم يطلبوا قسمة التركة غير انه لو تم رفع تلك الدعويين بمناسبة دعوى قسمة تركة مورثهم لتم الحاق الدعويين بدعوى القسمة ولكان وضعهما وضع دعاوى الاختصاص فيختص بنظرهما القاضي الشخصي،إلا أن الخلاف بين الطاعن والمطعون ضدهم لم يتعرض لقسمة التركة، حيث كان الخلاف قاصر على الأرض التي اشتراها الطاعن، وترجع فكرة إلحاق دعاوى الاختصاص بدعوى القسمة وإناطة الاختصاص بها للقضاء الشخصي إلى فكرة الارتباط والتعلق بين دعاوى الاختصاص وحصر موجودات التركة المطلوب قسمتها حيث يتعذر إجراء القسمة حتى يتم تحديد ما يدخل في موجودات التركة وما لا يدخل فيها. الوجه الثاني: المسائل المدنية التي لا تدخل ضمن المسائل الشخصية: وهي المسائل المدنية الصرفة التي اشار اليها الحكم محل تعليقنا كدعاوى البيع والشراء والشفعة والإجارة...الخ التي لا تتعلق ولا ترتبط بدعوى قسمة التركة اما إذا ارتبطت أية مسألة مدنية بدعوى القسمة فإنها تلحق بها ويتم الفصل فيها بمناسبة دعوى القسمة وأمام القضاء الشخصي. الوجه الثالث: دعاوى شركة الواقع أو العرفية او الشركة الفعلية: وهي الشركة التي تنشاء في الغالب بين الورثة ويتسع نشاطها ويكتسب الورثة الشركاء فيها أموالاً كثيرة تزيد في بعض الاحيان عن موجودات التركة الاصلية (الكرمة) وقد استقر قضاء المحكمة العليا في اليمن على أنه اذا كان موضوع الدعاوى المتبادلة بين الورثة هي الأموال المكتسبة نتيجة شركة الواقع او الشركة العرفية فانها تكون دعاوى مدنية يختص بنظرها القضاء المدني لان أحكام الشركة العرفية او شركة الواقع منظمة في القانون المدني وليس في قانون الأحوال الشخصية، وتأكيداً لما استقر عليه قضاء المحكمة العليا فقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد اشار إلى ان شركة الخلطة أي شركة الواقع لا تدخل ضمن مسائل الأحوال الشخصية لان الخلاف بين الطاعن والمطعون ضدهم قد انحصر في الأرض المشتراة من الطاعن هل هي خاصة به أم مشتركة فيما بين الطاعن والمطعون ضدهم، وبناءً على ذلك فان دعاوى الشركة العرفية اذا استقلت عن دعوى القسمة فإنها لا تدخل ضمن مسائل الأحوال الشخصية لأن قسمة حصيلتها هي عبارة عن ناتج تصفية الشراكة وليس قسمة تركة،والله اعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني