امكانية تطبيق الانعدام على الاحكام القديمة

 *إمكانية تطبيق الانعدام على الأحكام القديمة*

*أ.د*.*عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء*



• *من المعلوم أن قانون المرافعات النافذ رقم (40) لسنة 2002م قد نظم انعدام الاحكام القضائية لأول مرة فلم تتناول قوانين المرافعات السابقة أحكام الانعدام، ومن المعلوم أيضاً أن فكرة الانعدام تعني عدم وجود الحكم اصلاً وعدم تحصينه وأن ذلك من لنظام العام، وهذا الأمر يستدعي الإشارة إلى إمكانية تطبيق الانعدام على الأحكام القضائية الصادرة قبل صدور القانون رقم (40) لسنة 2002م وتعديلاته ، وقد عالج هذه المسألة الحكم محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا باليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 29/2/2019م في دعوى الانعدام رقم (62179) لعام 1439ه وخلاصة أسباب هذا الحكم* .


*(أن المدعي بالانعدام يصرح بأن الحكم بالالتماس الصادر عن المحكمة العليا المدعى بانعدامه قد صدر بموجب قانون المرافعات النافذ رقم (40) لسنة 2002م في حين ان الحكم الاستئنافي الصادر عام 2001م الذي اقرته المحكمة العليا قبل الالتماس كان قد صدر بموجب قانون المرافعات السابق رقم 28 لسنة 1992م، وأنه بناءً على ذلك فإن حكم المحكمة العليا بقبول الالتماس يكون قد صدر من دون ولاية، لأن قانون المرافعات السابق كان يحصر التماس إعادة النظر بالنسبة لأحكام المحكمة العليا إذا كانت صادرة من المحكمة العليا باعتبارها محكمة موضوع وذلك عندما يكون الطعن بالنقض للمرة الثانية فلا يجيز القانون السابق التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا في غير هذه الحالة أي عندما تكون محكمة قانون لا يجوز لها قبول التماس إعادة النظر أو الفصل فيه، ولذلك فإن الحكم الصادر عن المحكمة في الالتماس في هذه الحالة يكون قد صدر باعتبارها محكمة قانون، ووفقاً للقانون السابق فأن حكمها منعدم حسبما ذكر المدعي بالانعدام، والدائرة المدنية تجد أن المدعي بالانعدام متمسك بأحكام القانون (28) لسنة 1992م وهو القانون الملغي الذي لم يعد له وجود قانوني، أما ما ذكره المدعي بالانعدام بأن البطلان الذي كان منصوصاً عليه في القانون السابق مرادف للانعدام المنصوص عليه في القانون النافذ وأن ذلك يعدم ولاية المحكمة العليا بشأن نظر الالتماس على الحكم  البات الصادر عنها كمحكمة قانون فهي ممنوعة وهذا الأمر مقرر في القانونين السابق والنافذ اللذين يقررا الانعدام حسبما ذكر المدعي بالانعدام، والدائرة تجد أنه من غير المقبول اجراء المقارنة بين القانون السابق والقانون النافذ، لأن القانون السابق لم يعد له أي وجود في الواقع مع أن الجزاء فيه كان البطلان، في حين أن الجزاء في القانون النافذ هو الانعدام وشتان ما بين الانعدام والبطلان، وليس في دعوى الانعدام ما يوجب بيان الفرق لأن القانون السابق لم يعد له وجود قانوني بعد صدور القانون النافذ عملاً بقاعدة عدم رجعية قانون المرافعات) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية*:


*الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا*:

*==================*

• *استند هذا الحكم إلى أنه لا يجوز العمل بقانون قد تم إلغاؤه وسنده في ذلك المادة (502) من قانون المرافعات النافذ التي نصت على أن (يلغي القرار الجمهوري بالقانون رقم 28 لسنة 1992م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني) حيث كانت دعوى الانعدام قد استندت إلى القانون رقم (28) لسنة 1992م الملغي على أساس أن الحكم الاستئنافي صدر عام 2001م في أثناء سريان القانون الملغي، وعلى أساس أن المحكمة العليا قد أيدت هذا الحكم ثم قبلت المحكمة التماس إعادة النظر في ذلك الحكم ولذلك يكون حكم المحكمة العليا منعدماً إذ لا يجوز التماس إعادة النظر طبقاً للقانون الملغي إلا إذا تصدت المحكمة العليا أو نظرت في الموضوع، والمحكمة العليا حينما أيدت الحكم الاستئنافي لم تنظر في موضوع النزاع وعلى هذا الأساس فإن قبولها لالتماس إعادة النظر يكون منعدماً لعدم ولايتها بموجب القانون الملغي رقم (28) لسنة1992م حسبما ورد في دعوى الانعدام، ومن وجهة نظرنا فإن استناد المحكمة العليا واستدلالها صحيح لأن حكمها الأول الذي أيد الحكم الاستئنافي ثم حكمها بقبول الالتماس قد صدرا في أثناء سريان القانون النافذ الذي يجب على المحكمة العليا العمل بموجبه والالتزام بنصوصه*.


*الوجه الثاني: هل البطلان والانعدام مترادفان؟*:

*=================*

• *تضمنت دعوى الانعدام المرفوعة أمام المحكمة العليا هذه المقولة وقد تحاشى المدعي بالانعدام تحديد نوع البطلان المرادف للانعدام هل هو البطلان المطلق أم البطلان النسبي؟ ولا شك أن المدعي بالانعدام كان ذكياً عندما تحاشى ذلك ، لأن البطلان المطلق وحده الذي يكون مرادفاً للانعدام، لأن الواقعة محل دعوى الانعدام لا تنطبق عليها أحكام الانعدام حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا بأن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني