العناء في القانون اليمني

ضوابط العناء و حق اليد في ارض الوقف
أ.د. #عبدالمؤمن_شجاع_الدين
الاستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

لأراضي الاوقاف خصوصيتها في كل شيء فهي ارض الله التي لا تباع ولا تشترى وهي بهذه الصفة خالدة تالدة الى ان يرث الله الارض ومن عليها حسبما يرد في الوقفيات ؛ وعلى هذا الاساس فهي غير قابلة للبيع والشراء والرهن ؛ وكذا فإنها لا تورث فهي ليست تركة لان الحائز لها ليس مالكا؛ فالمالك لها هو الله الغني الحميد, فليس للناس الا الانتفاع بارض الوقف فقط, وللأسف ان غالبية اليمنيين مع انهم اهل الايمان والحكمة بشهادة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينظرون الى الوقف ويتعاملون معه كما لو انه مال مثل غيره من الاموال الاخرى, ولذلك يقوم بعضهم ببيع الوقف وبعضهم يقومون بتقسيم الوقف وبعضهم لا يدفع مستحقات الوقف وعائداته وغلاله وبعضهم يصطنع المبررات والمعاذير للاحتيال لاكل اموال الوقف بالباطل بذرائع عدة منها العناء والشقية وحق اليد, وقد اشرنا في تعليق سابق الى عدم جواز قسمة اموال الوقف وانما يجوز قسمة منفعة الوقت فقط بشروط وضوابط كثيرة تضمن حفظ اموال الوقف من التبديد والضياع, وفي هذا السياق يأتي تعليقنا هذا محاولة لتسليط الضوء على ضوابط المطالبة بمايسمى العناء او حق اليد في ارض الوقف والقيود التي ترد على ذلك وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية ونصوص القانون, ولا شك ان الغرض من هذه القيود والضوابط هي حماية اموال الوقف من الضياع والتبديد, ولذلك نجد انه من المناسب التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4/4/2011م في الطعن الشخصي رقم (42275) لسنة 1432هـ وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان ورثة احد المستأجرين من الوقف قاموا برفع دعوى امام المحكمة الابتدائية ضد اخيهم الاكبر ذكروا فيها : أنه استولى على الوقف الذي كان قبض والدهم أي بيد والدهم وطلبوا من المحكمة اجراء اللازم وفقا للشرع والقانون, وقد رد اخوهم المدعى عليه بان المدعين يريدوا اخذ الوقف وتقسيمه مع ان الوقف على مسجد وافاد المدعى عليه بأنه مستأجر من وزارة الاوقاف ؛ وقد حكمت المحكمة الابتدائية بالزام المدعى عليه (بقسمة مواضع قبض الوقف التي هو قابض لها من بعد والده ويقسم ذلك بينه وبين اخوانه بحسب وقفية الواقف ....المؤرخة سنة 1249هـ لان المورث مات وهو قابض لتلك المواضع) فقام المدعون باستئناف الحكم الابتدائي جزئيا وذكروا في استئنافهم ان الحكم الابتدائي لم يحكم بقسمة قبض الوقف في المواضع كلها حيث اقتصر على الحكم ببعضها وذكروا في الاستئناف بان اخيهم المستأنف ضده قد اخفى مستندات شراء والدهم لقبض الوقف في موضع ....وموضع.... وذكر المستأنفون انهم قد عثروا على بعض تلك المستندات الا ان محكمة الاستئناف رفضت الاستئناف وايدت الحكم الابتدائي ؛ فقام المستأنفون بالطعن بالنقض امام المحكمة العليا فرد المطعون ضده بان (بصيرة جدهم المؤرخة عام 1373هـ لا تثبت حق القبض في تلك المواضع المذكورة في طعن الطاعنين وان جدهم كان مجرد وكيل لمسجد...) الا ان المحكمة العليا رفضت الطعن بالنقض واقرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه وقد جاء في اسباب هذا الحكم (اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما اورده الطاعنون من اسباب في عريضة طعنهم وكذا ما ذكره المطعون ضده في اجابته فوجدت الدائرة ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد ناقش المسائل التي اثارها الطاعنون مناقشة صحيحة وتوصل الى نتيجة صحيحة موافقة لأحكام الشرع والقانون مما يستوجب رفض الطعن موضوعا) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب ما هو مبين في الاوجه الاتية :
الوجه الاول : العناء وحق اليد ومسمياتها وحالات استحقاقها :
حق اليد او حق القبض حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا لها مسميات عده بالإضافة الى ما سبق منها الشقية والعناء وهذه المسميات وان اختلفت لها مدلول واحد وهو: حق متعلق بالأرض المؤجرة للمستأجر نظير قيامه بإحيائها او توسعتها او غرس غروسها او صيانتها او اصلاح ماتهدم منها او حمايتها ممن يحاول الاعتداء عليها او الاستيلاء عليها واخراجها من ملكية الوقف؛ والشقية او العناء بهذا المفهوم هي المقصودة في المادة (22) من لائحة تأجير الوقف التي نصت على انه (ليس لأجير الوقف ما يسمى بحق اليد الا بالشقية (العناء الظاهر) كالغرس والبناء والاصلاح اذا كان مأذونا له بذلك من قبل متولي الوقف المختص على ان يتم تقديرها من قبل المحكمة المختصة بناء على الإحالة من الجهة المختصة بالأوقاف ويجوز لمتولي الوقف المختص والاجير التراضي على تقديرها بما يقرره عدلان خبيران بحسب العرف اذا كانت لا تتجاوز خمس قيمة الارض ولا يجوز للمستأجر او المنتفع حبس العين المؤجرة او أي شيء يستحق من غلات الوقف ولمتولي الوقف التصرف بالعين بإذن من المحكمة المختصة بعد معاينتها لعين الوقف للتثبت من حالتها كما يجوز للمحكمة الزام متولي الوقف المختص بتقديم الضمان الذي تراه للوفاء بمستحق الاجير ان ثبت ذلك) ومن خلال مطالعة هذا النص نجد انه قد وضع الضوابط المناسبة للحيلولة دون ابتزاز وزارة الاوقاف بذريعةالعناء او حق اليد العرفية ؛ حيث ان الواقع يشهد ان غالبية المستأجرين لأراضي الاوقاف وغيرها يسيئون فهم وتطبيق مايسمى العناء وحق اليد العرفية ويستغلونها لأكل اموال الناس والوقف بالباطل؛ وقد سبق لنا بيان كيفية ذلك في تعليق سابق لنا؛ ولذلك فقد اشترط النص السابق في لائحة تأجير اموال الوقف اشترط ان تأذن الاوقاف بأجراء الاصلاح او الغرس او البناء في ارض الاوقاف حتى تكون الاوقاف على بينة من التكاليف الحقيقية للغرس والبناء والاصلاح حتى لا يجازف المستأجر في تقديرها وايضا حتى لا يجازف العدول في ذلك وايضا حتى يسهل للأوقاف اثبات التكاليف او الشقية الحقيقية امام المحكمة المختصة فتحكم بموجب ذلك, الا ان المادة السابقة لم تحصر حالات مطالبة اجير الوقف بالعناء او الشقية حيث حددت المادة السابقة تلك الحالات على سبيل المثال فاستعمال كاف التشبيه عند ذكر حالات المطالبة بالعناء يدل على ان تلك الحالات مذكورة على سبيل المثال فاستعمال الكاف يدل على عدم الحصر فقد ذكر النص حالات الاستحقاق للعناء مستعملا الكاف حيث ورد ت في النص عبارة (كالغرس والبناء والاصلاح) مع ان تلك الحالات المذكورة في النص هي كل حالات الاستحقاق ؛ ولمصلحة الاوقاف فإننا نوصي بان يتم حصر حالات استحقاق العناءاو حق اليد حتى لا يستطيع الاجير المطالبة في غير الحالات المحددة في النص ؛ وقد سبق لنا ان ذكر نا ان حالات الاستحقاق تنحصر في اربع حالات فقط وهي الحالة الاولى : اصلاح العين المؤجرة واعدادها للانتفاع بها لاول مرة كأن تكون الارض صالبه فيقوم المستاجر بإصلاحها واعدادها للانتفاع بها او يقوم بإصلاح الرهق الصالب التابع للعين الاصلية ويشترط في هذه الحالة صدور اذن خطي من الاوقاف بإجراء الاصلاحات المشار اليها في هذه الحالة, الحالة الثانية : حالة قيام الأجير من الوقف بغرس الاشجار في ارض الوقف على نفقته شريطة اذن الاوقاف الخطي بذلك, الحالة الثالثة : قيام المستأجر بالبناء في الارض شريطة اذن الاوقاف وموافقتها على ذلك, الحالة الرابعة: قيام المستأجر بالدفاع عن العين المؤجرة في مواجهة المعتدين عليها سواء كان هذا الاعتداء على هيئة تعرض مادي للعين او تعرض قانوني عن طريق النيابات والمحاكم شريطة ان يقوم المستأجر بإخطار الاوقاف وان تاذن له الاوقاف بذلك وعلى القاضي في هذه الحالة ان يدخل الاوقاف في النزاع حتى لايتواطئ اجير الاوقاف مع الخصم للحصول على حكم يلحق الضرر بالوقف ؛ وفي كل الحالات السابقة يشترط ان لا تكون الاوقاف قد دفعت تكاليف الاعمال التي قام بها الاجير وشريطة ان لا يكون المساجر قد قام باستقطاعها من حصة الاوقاف من الغلات.
الوجه الثاني : حالات عدم استحقاق الاجير لحق اليد او الشقية :
بعد ان حددت لائحة تأجير اراضي الوقف الحالات التي يجوز فيها للأجير المطالبة بالعناء او حق اليد قررت اللائحة على انه لا يجوز للأجير المطالبة بالعناء او حق اليد حتى لو تحققت حالات الاستحقاق المشار اليها متى تحققت حالات اخرى تدل على عدم استحقاق الاجير للشقية او العناء حيث نصت المادة (24) من اللائحة على انه (ليس للأجير أي حق في المطالبة بالعناء المشار اليه في المادة السابقة في أي من الحالات الاتية :
-1- اذا لم يتحمل تكاليف الاصلاح في العين المؤجرة او استوفى جميع تلك التكاليف -2- اذا كانت العين المؤجرة منه صالحة للانتفاع او الاستغلال المتفق عليه عند التأجير ولم يقم بأي اصلاح مأذونا بإجرائه من قبل متولي الوقف المختص -3- اذا كانت الارض صالبة او مراهق تابعة لأرض الوقف -4- اذا الحق المستأجر بإهماله وتفريطه ضرر جسيم بالعين المؤجرة ادى الى تلف فيها او حرمان الوقف من غلتها كلها او بعضها ولا يخل ذلك بضمانة بما اتلف من العين وبكل نقص في الغلة وفقا لقانون الوقف والقواعد القانونية الاخرى النافذة -5- اذا احدث المستأجر في ارض الوقف بناء او غرسا او نحوها بغير اذن من متولي الوقف المختص فللمتولي الحق في ازالة مااحدث اوتملكه للوقف بثمن ماليس له حق البقاء مزالا وله تاجيرها للمستاجر اوغيره اذا لم يقبل.؛6 - اذا بني المستاجر في ارض الوقف بانقاض الوقف بغير اذن متولي الوقف المختص يتملك الوقف البناء وليس للمستأجر شيء وعليه دفع اجرة المثل اذا رغب في استئجارها) وعند النظر في الحالات التي قررها النص السابق نجد انه قد قصد من ذلك وضع ضوابط محكمة للحيلولة دون تجاوز المستأجر من الاوقاف في طلباته للعناء او الشقية بدون حق مستغلا الاعراف الفاسدة في هذا الشأن التي يتوسل بها بعض المستأجرين لأكل اموال الوقف بالباطل, ولا شك ان صياغة هذه المادة قد استفادت من الاشكاليات السابقة التي كان يثيرها المطالبون للأوقاف بذريعة حق اليد او الشقية, وبهذا تكون لائحة تأجير اراضي الاوقاف افضل من القانون المدني الذي لم ينظم هذا الامر وتركه لمشيئة العرف الفاسد الذي وضعه الفاسدون لأكل اموال الناس بالباطل تحت مظلة ما يسمى بحق اليد العرفية او الشقية او العناء.
الوجه الثالث : تقدير العناء او الشقية او اليد العرفية واجراءاته :
بينت لائحة تأجير اراضي الوقف طرق تقدير حق الشقية او اليد العرفية واجراءات ذلك, وبيان ذلك كما يأتي :
1- تقدير حق الشقية او اليد العرفية بنظر القضاء : وهذه الطريقة هي الطريقة الوجوبية والاصلية التي يتم بها تقدير حق العناء او اليد العرفية والتي اوجبتها لائحة تأجير الوقف, والحكمة من تقدير مقابل الشقية او العناء بنظر القضاء هو ضمان عدالة هذا التقدير وسلامته لان القضاء لن يحكم بمقابل العناء الا بناء على ادلة ثبوتية يقينية اضافة الى ان اسناد مهمة التقدير للقضاء تمنع التواطؤ بين متولي الوقف وبين المستأجر لأرض الوقف للمبالغة والمجازفة في تقدير مقابل العناء او الشقية او حق اليد العرفية.
2- تقدير حق الشقية او اليد العرفية بنظر عدلين خبيرين : فقد نصت لائحة تأجير اراضي الاوقاف على ذلك, ولكن هذه الطريقة جوازيةبالنسبة للأوقاف وليس للأجير من الوقف, حيث يجوز لمتولي الوقف ذلك اذا رأى ان في ذلك مصلحة للوقف وان هذه الطريقة تحفظ حقوق الوقف وكان المتولي من اهل الامانة والنزاهة والكفاءة ففي هذه الحالة يجوز لمتولي الوقف ان يتفق مع الاجير لتقدير العناء بواسطة خبيرين عدلين شريطة ان لا يتجاوز المبلغ المتفق عليه اوتم تقديره خمس قيمة الارض المؤجرة للأجير, كما ان للمحكمة اذا احالت الاوقاف هذه المسألة للمحكمة فلها ان تكلف عدلين خبيرين لتقدير العناء او الشقية بحسب العرف شريطة ان لا يخالف العرف ما ورد في قانون الوقف ولائحة التأجير وهذه ضمانة تمنع الخبراء من الاعتماد على العرف الفاسد المخالف للقانون الذي يعتمده غالبية الخبراء في المجازفة والمبالغة في تقدير العناء او حق اليد او حق القبض .
وبشأن تقدير العناء او الشقية فقد نصت المادة (22) من لائحة تأجير الوقف على ان يتم تقدير العناء من قبل المحكمة المختصة بناء على احالة الجهة المختصة بالأوقاف ويجوز لمتولي الوقف المختص والاجير التراضي على تقديرها بما يقرره عدلان خبيران بحسب العرف اذا كانت لا تتجاوز خمس قيمة الارض) وفي السياق ذاته نصت المادة (23) من لائحة تأجير اراضي الوقف على انه (على المحكمة المختصة ان تصدر قرارها بشأن تقرير حق اليد (العناء الظاهر) حول ما تضمنته الاحالة اليها من الجهة المختصة بالأوقاف بعد سماع الاجير وممثل الوقف وفقا للقواعد والاحكام الشرعية والقانونية وللمحكمة الاستعانة بعدلين خبيرين فيما جرى به العرف وبما لا يتعارض مع قانون الوقف الشرعي واحكام هذه اللائحة).
الوجه الرابع:المقصود بالعناء الظاهر:
وردت كلمةالعناء الظاهر في لائحة تاجير الاوقاف اكثر من مرة وهذا توكيد لهذا المصطلح في اللائحة ؛ ومصطلح العناء الظاهر مصطلح شائع في العرف الموافق للشرع والقانون حيث يطلق مصطلح العناء الظاهر في العرف على الشواهد والمظاهر التي تظهر في العين الموجرة التي تدل وتشهد على الشقاء والعناء الذي قام به المستاجر للارض بحيث تكون الاعمال التي قام بها المستاجر ظاهرة للعيان تشهد بذاتها على صحة مطالبة الاجير بالمبالغ التي تكبدها للقيام بتلك الاعمال ؛ ومن شواهد العناء الظاهر الغروس في الارض الموجرة والجدران والسواند والمصدات والزيادات في مساحة الارض الموجرة نتيجة الاصلاحات التي قام بها المستاجر .
الوجه الخامس : بيع حق اليد العرفية في اراضي الوقف :
القانون المدني هو القانون الاساسي وهو القانون الاعلى مرتبة بين القوانين ؛ ولذلك فان القانون المدني اعلى مرتبة من لائحة تأجير اراضي الوقف ؛ فالقانون المدني صدر بتاريخ 10/4/2002م واللائحة المشار اليها صدرت بتاريخ 20/6/1996م وعلى هذا فان النص الوارد في القانون المدني اولى عند التطبيق, وبشأن بيع اليد العرفية فقد صرح القانون المدني بعدم جواز بيع حق اليد العرفية في اراضي الوقف حيث قررالقانون المدني في الفصل الخامس (ايجار الوقف) عدم جواز بيع حق اليد في اراضي الوقف حيث نصت المادة (787) على ان (تنازل المستأجر عن الارض قبل البناء فيها او تأجيرها لغيره بمقابل او بدون مقابل محظور واذا تعاطى المستأجر ذلك اعتبر فسخا للإيجار ويكون على جهة الوقف اعادة ما استلمته من المستأجر من مأذونية واستعادة ارض الوقف ويسري هذا الحكم بأثر رجعي على الاراضي التي لم يبن فيها بناء ينتفع به للسكن) ومن خلال مطالعة هذا النص القانوني نلاحظ انه منع بيع حق اليد مطلقا واعتبر ذلك فسخا لعقد الايجار فيما بين الأجير والوقف ومضمون هذا النص افضل من النص الوارد في المادة (26) من لائحة تأجير اراضي الاوقاف التي نصت على انه (لا يحق لأجير الوقف القيام ببيع ما يسمى بحق اليد (العناء الظاهر) او التنازل بها للغير الا بعد موافقة رسمية من الجهة المختصة بالأوقاف واتخاذ الاجراءات اللازمة وفقا لأحكام هذه اللائحة) ومن وجهة نظرنا فان هذا النص الوارد في لائحة تأجير اراضي الاوقاف يعد ملغيا بالنص المقرر في القانون المدني ونوصي وزارة الاوقاف باتخاذ الاجراءات اللازمة لتعديل هذا النص في ضوء النص الوارد في القانون المدني والسابق ذكره.
الوجه السادس : حق اليد في غير ارض الوقف في القانون المدني وتوصيتنا للمشرع اليمني :
سبق القول بان القانون المدني قد قرر صراحة منع بيع حق اليد بالنسبة لأراضي الاوقاف حسبما سبق بيانه في الوجه الرابع من هذا التعليق, وهذا مسلك حسن للقانون المدني يحمد له ؛لانه لايجوز ان يباع حق اليد استقلالا علاوة على ان بيع حق اليد يورث المشاكل والنزاعات بسبب تعدد التصرفات على العين الواحدة اضافة الى ان البائع لحق اليد يتقاضى مقابلا باهضا لايتناسب مع حقه ان كان له حق فهو يحصل مقابلا اكثر من المقابل الذي يحصل عليه المالك ؛ولذلك فاننا نوصي المشرع اليمني بتضمين قانون اراضي وعقارات الدولة نص مماثل بالنسبة لأراضي الدولة المؤجرة للغير يمنع بيع حق اليد بالنسبة للمستاجرين لارضي الدولة؛ لان المستأجرين من الدولة يبيعون ويتصرفون ويتنازلون عن اراضي الدولة المؤجرة لهم مقابل مبالغ طائلة مثلها في ذلك مثل ثمن الارض الحر ولا تحصل الدولة باعتبارها المالك لتلك الاراضي على شيء يذكر, فالدولة احق بهذه الاموال الطائلة التي يحصل عليها من لا يملك العين.
الوجه السابع : العناء في القانون المدني وتوصية اخرى للمشرع اليمني :
نظم القانون المدني العناء تنظيما قاصرا اتاح للمستأجرين للأراضي الزراعية الخاصة ان يتعسفوا في مطالباتهم للعناء وان يصادروا حقوق الملاك المؤجرين لتلك الاراضي حينما احال القانون تقدير العناء الى العرف من غير ان يضع الضوابط التي يتم في ضوئها تقدير العناء ؛ وقد كان هذا القصور التشريعي سببا لخلافات ونزاعات وصراعات بين الملاك والمستأجرين ساهمت في الاختلال الاجتماعي والقت بظلالها الكثيفة على النشاط الزراعي في اليمن, ويظهر القصور التشريعي للعيان حينما نعرض المادة (766)مدني التي نصت على انه (اذا أجر رب الارض ارضا معلومة لشخص اخر ليزرعها حرثا وبذرا وتنقية فيما تصلح له بجزء معلوم مما تنتجه الارض كان العقد ملزما للمتعاقدين بشروطه المتفق عليها حال العقد وللمالك رفع يد الاجير بعد حصاد الزرع القائم اذا خالف الاجير العرف او اهمل او فرط او اخل بما شرط عليه او عجز, وللأجير مقابل ما غرمه في اقامة الارض (العناء) بما يقدره عدلان اذا كان الزرع مما لا يقطع العناء عرفا ولكل من المتعاقدين طلب انهاء المزارعة بعد حصاد الزرع القائم مع مراعاة التنبيه على الطرف الاخر قبل ذلك بوقت كاف وفي البقول ونحوها مما يستغل اكثر من مرة يعمل بالعرف) ومن خلال مطالعة النص نجد انه قد احال تقريبا كل مسائل العناء الى العرف من غير قيد او ضابط, والاحالة الى العرف على هذا النحو في العصر الحاضر لها مخاطرها بعد ان فسدت اخلاق الناس وتهافتوا على اكل اموال الناس بالباطل واعتبروا ذلك نوع من الشطارة والتذاكي, ولذلك نوصي بان يقوم القانون المدني بتنظيم احكام العناء على غرار ما ورد من تنظيم للعناء في لائحة تأجير اراضي الاوقاف فليس بخاف على احد ان اغلب التنظيم الوارد في لائحة تأجير الاوقاف مستفاد من الاعراف السائدة في اليمن بشان العناء اضافة الى ان العلاقة فيما بين الاوقاف بصفتها مؤجرة هي العلاقة ذاتها التي تنشأ فيما بين الملاك والمستأجرين الاخرين .
الوجه الثامن : حق اليد او العناء يورث ولا يباع :
من خلال مطالعة النصوص القانونية في القانون المدني ولائحة تأجير الوقف نجد انها قد منعت بيع حق العناء او اليد العرفية ولكن ذلك لا يعني مصادرته اذا كان لهذا الحق موجب كأن يكون مقابل اصلاح او غيرها من الحالات الجائزة السابق ذكرها فان هذا الحق يؤرث مع مراعاة احكام التقادم ؛ فليس من المقبول شرعا وقانونا وعرفا ان يطالب المستأجر او الاجير للأرض بعناء عن اصلاح ما تهدم في العين المؤجرة قبل عشرين سنة او ثلاثين سنة – فكيف سيتم تقدير تكاليف الاصلاح في هذه الحالة وبأي سعر سيتم تقدير قيمة تلك التكاليف قبل ثلاثين سنة ام في تاريخ التقدير؟ وكيف سيتم اثبات دفع المستاجر هذه التكاليف ....الخ؛ والله اعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني