القاعدة العامة في تشكيل لجنة التحكيم

 القاعدة العامة في تشكيل لجنة التحكيم

..... { وجوب أن يكون عدد المحكمين وتراً } .....

✍ جواد محمد ناجي النابهي ......

تحديد عدد المحكمين أمر متروك لحرية الطرفين مع قيد واحد، وهو التزام قاعدة وترية التشكيل ، أي أنه يجوز تشكيل لجنة التحكيم من محكم واحد، أو أكثر من مُحكم، بشرط أن يكون عددهم وتراً ، وذلك وفقاً لنص المادة (١٧) من قانون التحكيم اليمني {إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً ، وإلا كان التحكيم باطلاً } ، وهو ما ذهبت إليه الفقرة الثانية من المادة (١٥/ ٢) من قانون التحكيم المصري وكذلك المادة (١٣) من نظام التحكيم السعودي ، أما المشرع العراقي فقد كان واضحاً أكثر من غيره ، حيث أوجب الوترية عند تعدد المحكمين وأستثنى من ذلك حالة التحكيم بين الزوجين، وهو ما جاءت به المادة

(257) من قانون التحكيم العراقي ، وذلك تجنباً لما قد يحدث من مشاكل عند المداولة إذ قد ينقسم المحكمون إلى فريقين متساويين ؛ فيتعذر صدور حكم بالأغلبية.

وهذا المبدأ هدفه الأساسي ، هو تحقيق الحيادية، وتعزيز ثقة الأطراف؛ فالوترية دائماً مُستحبة في أي تشكيل حُكمي.

فالطبيعة القضائية الخاصة للجنة التحكيم تفرض نفسها بشدة في تلك النقطة ؛ فلجنة التحكيم يتبع فيها نفس قواعد الهيئات القضائية الطبيعية من ناحيه العدد ؛ فتشكيل الأخيرة دائماً وتري ، سواء فردي أو جماعي ، ويتدرج حسب درجة المحكمة.

كما أنه يخدم المعنى المُجرد للحيادية، من حيث أن الحكم الصادر من لجنة تحكيم وترية غالباً ما يُصادف صحيح القانون أو العدالة لصعوبة تغليب طابع واحد على جميع أفراد اللجنة.

جزاء الإخلال بقاعدة الوترية

رتب المشرع البطلان جزاءً للإخلال بمبدأ الوترية، ويُقصد ببطلان التحكيم هنا، بطلان تشكيل لجنة التحكيم ، وهذا المبدأ استقرت عليه كافة التشريعات العربية ورتبت على مخالفته جزاء البطلان

وقد اتفق الفقه على أن هذا البطلان يتعلق بالنظام العام ، ولا يجوز الإتفاق على خلافه.

وقضت محكمة استئناف القاهرة ببطلان اتفاق الأطراف على عدد زوجي للمحكمين كاثنين أو أربعة وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام لإخلاله بالضمانات الأساسية للتقاضي.(حكم محكمة استئناف القاهرة الدائرة 91 في الدعوى رقم 97 لسنة 119 ق. تحكيم جلسة 27/7/2003).

وقضت أيضاً ذات المحكمة بأن "يكون حكم التحكيم إذا صدر من هيئة مشكلة من عدد زوجي باطلاً سواء كانت الهيئة مشكلة أصلاً من هذا العدد أو كانت مشكلة من عدد وتر وزالت صفة أحد المحكمين فصدر الحكم من عدد زوجي.(الحكم الصادر في الدعوى 53 لسنة 119 ق تحكيم محكمة استئناف القاهرة الدائرة 91 تجاري جلسة 29/1/2003).

وهو ما ذهبت إليه دائرة الإستئناف التجارية في المملكة العربية السعودية في القضية رقم ٣٠٩٦ / ٢ / س لعام ١٤٣٦ هجرية.

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا كان ما ينعاه الطاعن على الحكم محل الطعن الخطأ في تطبيق القانون ؛ لأنه يجب أن يكون عدد المحكمين وتراً ، وإلا كان التحكيم باطلاً ، إذ أن الثابت كما يقول الطاعن أن عدد المحكمين المعينين خمسة في حين أن متى وقع على الحكم أربعة ، الأمر الذي يستفاد منه أن المحكم الخامس لم يشترك في المداولة، وإصدار الحكم مما يبطله، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضائه على أن من وقع حكم المحكمين أربعة، وأنه بهذا يكون صحيحاً لكونهم يمثلون الأغلبية؛ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان القانون قد أوجب أن يكون عدد المحكمين وتراً ، وكان الثابت من حكم المحكمين أنهم خمسة، وأنهم اجتمعوا جميعاً ، وأصدروا الحكم، وكان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت، وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة، وإصدار الحكم لم يكن عددهم وترًا، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم لخصم دليله؛ فإن النعي يكون على غير أساس.

المحل الذي يرد عليه البطلان:

أجمعت النصوص القانونية على أن البطلان يقتصر على حُكم التحكيم الصادر من هيئة مُشكلة بالمخالفة لقاعدة الوترية، وليس اتفاق التحكيم ذاته.

- فيما يتعلق بالمحكمين وموقف قانون التحكيم اليمني :

فيما يتعلق بالمحكمين نلاحظ أن هناك تناقضات في بعض نصوص قانون التحكيم اليمني وذلك في وترية العدد ، حيث تنص المادة (17) على أن يكون عدد المحكمين وتراً مالم يتفق الأطراف على غير ذلك ، وهو ما يتناقض مع صريح المادة (21) والتي تلزم الأطراف في حالة عدم الإتفاق أن يكون عددهم ثلاثة فحسب ، وتذهب معظم التشريعات إلى وترية تشكيل لجنة التحكيم عند الإتفاق على تعدادهم ، وبالتالي يبطل التشكيل الزوجي في حالة عدم الإتفاق بطلاناً مطلقاً -وذلك كما وضحنا سابقاً- ، وإذا ما صدر الحكم من لجنة التحكيم غير المشكلة تشكيلاً صحيحاً كان هذا الحكم بدوره باطلاً وفقاً للمادة (٥٣/هـ) من قانون التحكيم اليمني ، غير أن البعض يذهب إلى عدم بطلان الحكم في هذه الحالة إذا ما صدر بالإجماع ، لأن الأمر يتعلق بحكم إجرائي ، وان الغاية من هذا الحكم قد تحقق بالفعل.

وعلى ذلك أجاز القانون اليمني لطرفي التحكيم الإتفاق على تشكيل لجنة التحكيم وعددهم ، غير أنه إذا لم يتفقا كان عدد المحكمين ثلاثة حسب ما حددته المادة (21) من قانون التحكيم ، وهو ما قد يتناقض مع المادة (17) من ذات القانون والتي تنص أنه في حالة عدم الإتفاق على كيفية التشكيل يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً .


#جواد_النابهي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني