التمالؤ في القانون اليمني

 


المساهمة في القتل بطريق التمالؤ:

جاء في المادة(21) النص على أنه (يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالئ الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها:

فالتمالؤ: إذا صورة خاصة من صور المساهمة تتميز بشروط ثلاثة هي:

- الاتفاق على الاشتراك في ارتكاب الجريمة (معنى التمالؤ).

- الوجود الفعلي في مسرح الجريمة وقت حدوثها.

- الاستعداد لمباشرة العمل التنفيذي للجريمة).

وكان مشروع القانون الشرعي للجرائم والعقوبات عرف المتمالئ تعريفا مفصلاً جمع هذه الشروط فقال في المادة(21) "المتمالئ هو من يتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة ويتواجد في مكان حدوثها مستعداً لارتكابها بحيث إذا تركها أحد المتمالئين معه لم يتركها هو وإنما يكون تركه لها اكتفاء بمباشرة الأخر مادام معضوداً بوجوده ولو كان رقيبا بشرط ان يكون مستعداً لتنفيذ ما اتفق عليه".

1- شرط الاتفاق:

الاتفاق على القتل يعني تلتقي إرادات المساهمين على ارتكاب هذه الجريمة وأبرز صورة له أن يلتقي المساهمون فيعقدون العزم على التعاون على ارتكاب الجريمة أي يتأمروا على ذلك العمل ويخططوا له قبل البدأ فيه وأدنى صور الاتفاق أن يكون كل واحد من هؤلاء المساهمين عالماً بأنه ليس وحده معنيا بأمر ارتكاب تلك الجريمة أي يعلم بأنه يفعل الفعل مع غيره ولا يلزم بالضرورة أن يجلس المساهمون في مجلس واحد يتأمرون أو يخططون لها وإن كان ذلك هو الأصل وإنما يكفي أن يحس كل واحد بأنه لا يرتكب الجريمة بمفرده فإذا انتفي العلم فلا يصح القول بوجود اتفاق حتى وأن المساهم نفسه يفعل الفعل مع غيره وإنما هو توافق وليس من شروط العلم الذي يقوم به الاتفاق أن يكون المساهم محيطا بعدد الأشخاص الذين يشتركون معه أو نوع الدور الذي يقوم به كل واحد منهم.

والعلم حالة شخصية يجب توافرها لدى المساهم ذاته ومن ثم فلا يغني عنها علم الآخرين بوجوده معهم إذا كان هو غير عالم بوجودهم معه وهذا يعنى أنه يصح أن يشترك عده أشخاص في ارتكاب الجريمة فيتوافر شرط الاتفاق في حق بعضهم دون البعض الأخر كأن يعلم بعض الأشخاص بعزم زيد على قتل عمر فيذهبون لمعاونته ومعاضدته وهو لا يعلم بوجودهم معه ولا يحس بمشاركتهم له.

والأصل في الاتفاق أن يكون سابقاً على ارتكاب الجريمة ولكن لا يعني أنه لابد من أن يكون بينه وبين البدء زمن معين إذ يصح أن يكون قبل البدء مباشرة بل يصح أن يتوافر حال البدء في التنفيذ.

وصورته أن يعلم الجاني ساعة قيامه بارتكاب الجريمة أن هناك من يشاركه فيها فيستأنس به ويزداد عزيمة ومضاء أو على الأقل قبولا.


2- شرط الوجود في مكان حدوث الجريمة ساعة ارتكابها:

أي ان يكون المساهم حاضراً في مكان الجريمة ساعة ارتكابها والحضور يكفي لقيامه الوجود الفعلي في مسرح الجريمة وزمن الحضور يكفي فيها أن يشهد المساهم الفعل التنفيذي الذي تقوم به الجريمة أي أن يتوافر حضوره الفعلي في ذات الوقت الذي تقترف فيه الجريمة.

وتعتبر الجريمة مرتكبة في كل لحظة تم فيها الفعل التنفيذي لها كله أو بعضه ومن ثم يكفي لقيام شرط الوجود أن يكون الحضور قد تم في مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة مادام فعلها التنفيذي لم ينته بعد فإن كان قد انتهى فلا قيمة لذلك الحضور لأن المساهمة تقتضي الحضور الذي تصح به المشاركة في ارتكاب الجريمة أي اقتراف فعلها التنفيذي فإن انتهي فإن المشاركة فيه بعد ذلك مستحيلة، ولا يقدح في صحة هذا القول أن يكون الحضور اللاحق قد ساعد على أخفاء معالم الجريمة أو محو أدلة إثباتها أو إخفاء جثة القتل لأن كل ذلك ليس جزاء من الجريمة وإنما هو جريمة مستقلة بذاتها.

ومن جهة فإن الوجود السابق على ارتكاب الجريمة لا يكفي لقيام حالة التمالؤ مادام قد انتهي قبل البدء في التنفيذ.

ولا يغني عن ذلك أن يكون الشخص قد قام بعمل سهل ارتكاب الجريمة أو مهد لوقوعها ولو كان ذلك الفعل قد تم حسب الخطة المتفق عليها بينه وبين زملائه المساهمين فالذي يداهم المجني عليه ويشد وثاقة أو يحبسه ثم يغادر المكان ويأتي زملاؤه بعد ذلك حسب الخطة المتفق عليها معهم لتنفيذ جريمة القتل لا يعتبر متمالئا معهم لكون التمالؤ يقتضي الوجود على هيئة تمكن الشخص من مباشرة ارتكاب الجريمة مع غيره ساعة الاحتياج إليه أي تجعله مستعداً للمساهمة المباشرة فيها عند اللزوم كما سيأتي في الشرط الثالث من شروط التمالؤ.

مكان ارتكاب الجريمة:

لابد أن يتوافر الحضور الذي تقوم به حالة التمالؤ في مكان محدد معين هو مكان حدوث الجريمة والمكان الذي يشترط الحضور فيه هو كل بقعة يقع فيها العمل التنفيذي للجريمة ولكنه لابد أن يكون صالحاً لان تتم فيه الأعمال التنفيذية وما تستلزمه من ممهدات ومسهلات ومتممات.

فإذا كانت جريمة القتل قد تمت في منزل واقع في وسط الحقل فإن مكان ارتكاب الجريمة ليس قاصراً على ذلك المنزل وإنما يمتد إلى ما يلحق به من الأماكن التي يوجد فيها المنفذون لتلك الجريمة ومن ثم يعتبر موجودا في مكان ارتكاب الجريمة ذلك الذي يقف على أطراف الحقل أو على أسواره يحرس رفاقه وهم يقتلون المجني عليه مادام بوجوده في ذلك المكان يقدر على أن يباشر على الفور إذا طلب منه ذلك.

والحجة في هذا التفسير هي أن أي مكان تمكين فيه الشخص من المساهمة مساهمة تنفيذية في أي فعل من الأفعال المكونة للجريمة فهو داخل في مكان حدوثها ولو لم يفعل الموجود فيه شيء من ذلك مادام كان يقدر بسبب موقعه المكاني أن يفعل.

3- شرط الاستعداد لمباشرة الجريمة:

لا يكفي الوجود الفعلي في مكان الجريمة لقيام حالة التمالؤ ولو كان الموجود قد حضر تنفيذا لخطة سابقة بينه وبين زملائه بل ولو كان حضوره أمراً لا غنى عنه في تقديره وتقدير زملائه كان يكون دوره الرقيب أو المشجع وإنما لابد وأن تقترن بذلك الوجود الفعلي نية المشاركة في الأعمال التنفيذية للجريمة وأن يجعل القتل قضيته التي لا يمكنه تركها أو التراجع عنها وأنه إنما جاء ليقترف الجريمة لا ليقوم بعمل ثانوي متعلق بها وهذا يعني أن المتمالئ إما أن يباشر العمل التنفيذي للجريمة فيسمى "مباشراً" وأما أن لا يباشر وفي هذه الحالة الأخيرة يكون عدم المباشرة راجعاً إلى كونه قد اكتفي بمباشرة غيره ومن ثم لا يزال مستعدا للمباشرة إن لزم الأمر بحيث لو ترك المباشر أو تراجع أو لم تكف مباشرته فإنه لا يتردد في مباشرة العمل التنفيذي فهو مستعد للمضي في العمل الإجرامي إلى نهاية ولو تركه زملاؤه.

وهذا يعني أنه لو اتفق المساهمون في جريمة القتل على توزيع الأدوار بينهم وكان دور أحدهم الحراسة أو التموية أو جلب السلاح أو قطع خطوط الاتصال أو نحو ذلك وعلم أن لا شأن له بالعمل التنفيذي للجريمة المراد اقترافها وهي القتل فإنه لا يكون متمالئاً أي لا يكون مساهما في تلك الجريمة بطريق التمالؤ وإنما شريكاً بطريق المساعدة وهي أقل خطراً من التمالؤ ولكنه يكون متمالئا إذا علم أن هذا الدور ثانوي وأنه مطلوب منه إلى جانب ذلك المساهمة الفعلية في الجريمة إن لزم الأمر بحيث يظل منتظرا الإشارة لينطلق في الوقت المناسب ليرتكب عملا تنفيذيا من الأعمال التي تقوم بها تلك الجريمة.

" صـ56..60 شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني "القسم الخاص" د/علي حسن الشرفي"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني