انعدام الحكم القضائي

 انعدام الحكم القضائي باختصار وسلاسة :

في نظرية الاحكام هناك شروط واركان يحب ان تتوفر في بنيان الحكم حتى يؤدي وظيفته القضائية في حسم المنازعات وتحقيق العدالة .

فإذا ما توافرت هذه الشروط والاركان في بنيان الحكم كان حكما صحيحا وسليما ، فإذا ما انبرم هذا الحكم حاز حجية الأمر المقضي به واكتسب حصانة واصبح عنوان للحقيقة .

اما إذا فقدت هذه الشروط والاركان في الحكم كان حكما معيبا وترتبت عليه اثار البطلان حسب درجة وجسامة العيب الذي اعتوره .

فإذا كان هذا العيب لا يعدو أن يكون شائبة اصابت شروط صحة الحكم دون ان تتعدى إلى اركانه فإنه يكون حكما باطلا ، إلا انه يجوز تصحيحه عن طريق الطعن به ، فإذا ما انبرم هذا الحكم اكتسب حجية الامر المقضي به بالرغم مما فيه من بطلان لان الانبرام يغطي البطلان .

أما إذا امتدت هذه العيوب إلى اركان الحكم وكيانه فعندئذ يفقد مقوماته ويكون حكما معدوما وغير موجودا فهو والعدم سواء ، فلا يقبل التصحيح لانه ولد ميتا وإنما لا بد من إقامة دعوى مبتدئة لإعلان إنعدامه أو الدفع بعدم تنفيذه ، فالإنعدام إذا يمكن التمسك به عن طريق الدعوى او عن طريق الدفع  . ودعوى الانعدام هذه ترفع أمام ذات المحكمة التي اصدرت الحكم المعدوم والحكم الصادر فيها يكون كاشفا له وليس منشئا له .

فالإنعدام إذا … أعلى درجات البطلان و أعنفها و امعنها في الخروج على حكم القانون لان الحكم المعدوم لاوجود له فلا يترتب عليه أي أثر ولا يغطيه الانبرام ولا يقبل الإجازة ولا ينقلب صحيحا مهما امتد الزمن فلا يسري عليه التقادم ولا يقبل التنفيذ بخلاف الحكم الباطل الذي تبقى له آثاره إلى أن يحكم ببطلانه . لذلك قال الفقهاء أن الانبرام يغطي البطلان ولكن لا يغطي الانعدام .

ونظرا لتعدد حالات الانعدام وتشعبها وصعوبة حصرها ففي كل يوم يمكن أن تولد حالة جديدة له لذلك اتجه اغلب المشرعين العرب ومنهم المشرع السوري إلى عدم تقنين الانعدام في نصوص قانونية وترك الأمر للاجتهاد باستثناء المشرع اليمني الذي قننه في المواد (58 – 55) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني حيث جاء  في المادة 55 منه  :

 (( الإنعدام وصف قانوني يلحق العمل القضائي ويجعله مجرداً من جميع آثاره الشرعية والقانونية . ولا يحكم به إلا في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون )) .

فالإنعدام إذا … ليس حالة تشريعية وإنما هو حالة فقهية أوجدها الفقه المصري وطورها القضاء المصري الذي اعتبر الانعدام جزاء  مخالفة إجراء او قواعد إجرائية ، فالانعدام في القضاء المصري يلحق الإجراء والحكم بخلاف القضاء السوري الذي اعتبر الانعدام يرث الحكم دون الإجراء أو الدعوى .

ونظرا لخطورة الإنعدام نجد أنه كان أحد اهم محاور واوراق عمل المؤتمر الخامس لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية المنعقد في بيروت – لبنان عام 2014

ولقد لخص الفقه والقضاء اركان الحكم الاساسية التي يجب أن تتوفر في الحكم حتى لا يكون معدوما في اربعة حالات :

١- إن يصدر عن جهة قضائية مختصة وفي حدود ولايتها القضائية .

٢- إن يصدر عن محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا .

٣- إن يصدر في خصومة قائمة بين طرفين تتوافر فيهما اهلية التقاضي وفي خصومة منعقدة أي متصلة بشخص المدعى عليه .

٤- إن يصدر مكتوبا وأن يتضمن بياناته الاساسية .

وفي موضوع بعض هذه البيانات تخبط الاجتهاد القضائي گثيرا وتناقض وتذبذب .

 ففي حين ذهبت بعض الاجتهادات القضائية إلى اعتبار بعض هذه البيانات من اركان الحكم و رتب على فقدانها إنعدام الحكم ، ذهبت إجتهادات آخرى لاعتبار ذات هذه البيانات من شروط الحكم ويترتب على اغفالها في الحكم اعتبار الحكم باطلا وليس معدوما  وبالتالي يمكن تصحيحها عن طريق الطعن به .

وحتى إن بعض الفقه والقضاء الذي لا يحبذ التشدد بمدرسة الشكليات قال بان اغفالها بعض البيانات غير الجوهرية في الحكم لا يترتب عليه حتى بطلان الحكم طالما انه بالامكان تكملة هذه البيانات من محضر جلسة النطق بالحكم باعتبار ان هذا المحضر جزء من ورقة الحكم ومكمل له .  إلا أن ذلك الرأي لم يخلو من الانتقادات لعدة مبررات .

إلا انه بالعموم اغلب الاجتهادات القضائية اعتبرت خلو الحكم من توقيع القاضي على مسودة الحكم او عدم صدوره باسم الشعب العربي في سوريا حكما معدوما لانه بذلك يكون قد خالف مبدأ دستوريا .

والحكم المعدوم غير قابل للمخاصمة وفق ما استقرت عليه اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض لانه يمكن طلب إعلان انعدامه امام ذات المحكمة التي اصدرته وبالتالي هناك طريق آخر غير المخاصمة لالغائه .

فإعلان الإنعدام إذا … يكون عن طريق رفع دعوى مبتدئة أمام ذات المحكمة التي اصدرت الحكم المعدوم ويتوجب على هذا المحكمة اذا وجدت توافر حالة من حالات الانعدام فيه ان تعلن إنعدامه وان تفصل بموضوع النزاع وتصدر حكمها فيه فلا يجوز لها ان تعلن انعدام الحكم وتترك الدعوى بلا حكم بموضوعها لانه بذلك فقط يؤدي الحكم دوره ووظيفته القضائية في حسم

المنازعات تحقيق العدالة لذلك قيل ان المحكمة الناظرة في دعوى الانعدام لا تستنفذ ولايتها بإعلان أمر معدوم وإنما يجب عليها ان تفصل في موضوع النزاع . /

تعليقات

  1. هل الاحكام الصادرة من قبل قضاة حكومة عدن منعدمة
    وفي حال الاستدلال بها في المناطق المسيطر عليها أنصار الله فأين يتم تقديم دعوى أو دفع بالانعدام بهذا الحكم
    وفي

    ردحذف
  2. ما هى الاجرات على محكمه الاستناف بعد رجوع القضيه من المحكمه العليا بعدحكم انعدام.
    2ِِِ. هل يحق بعدحكم الانعدام يقدم بالاتماس

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني