الشفعة في بعض العين
الشفعة في بعض العين
نصت المادة (1277) من القانون المدني اليمني على أن (الشفعة لا تقبل التجزئة فيلزم الشفيع طلب الشفعة في العين المشفوعة كلها إلا إذا تعددت العين المشفوعة وقام سبب الشفعة بواحد من أفرادها أو تعدد المشترون فيجوز للشفيع طلب الشفعة فيما قام به سببها في الحالة الأولى وطلب نصيب بعض المشترين في الحالة الثانية، واذا اشترى الواحد للجماعة ولم يضف إليهم فلا يعتبر هذا تعدداً)، ، وقد قضي بذلك الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8/9/2015م في الطعن رقم (57057) المسبوق بالحكم الابتدائي الذي ورد ضمن أسبابه ( وعلى فرض وجود حق الشفعة بسبب الطريق المشتركة فأن حق المدعي في الشفعة قد سقط كونه كان عالماً بالبيع وتراخي عن طلب الشفعة بسبب فقره، وقد طلب الشفعة في بعض العين وقصر دعوى الشفعة على أحد المشترين، مع أن الشفعة لا تقبل التجزئة) ، وقد قضى الحكم الإستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الإستئنافي أقرت الدائرة المدنية الحكم الإستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (ومن خلال دراسة الأوراق فقد وجدت الدائرة أن الطعن قد تضمن الوقائع التي سبق للطاعن إثارتها أمام محكمة الموضوع إبتداءً وتم تحقيقها ومناقشتها بصورة معمقة ومستفيضة وأبدت وجه الرأي فيها بما استقر في وجدانها من قناعة من خلال ما طرح أمامها ، وظهر لها صحة دفع المدعى عليه بسقوط الشفعة لتراخي المدعي عن طلبها بعد علمه بالشراء في وقته ولطلبه الشفعة لبعض المشفوع فيه وفي مواجهة بعض المشترين فقط)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: عدم قبول الشفعة في بعض العين:
نصت المادة (1277) مدني على أن (الشفعة لا تقبل التجزئة فيلزم الشفيع طلب الشفعة في العين المشفوعة كلها إلا إذا تعددت العين المشفوعة وقام سبب الشفعة بواحد من أفرادها أو تعدد المشترون فيجوز للشفيع طلب الشفعة فيما قام به سببها في الحالة الأولى ، وطلب نصيب بعض المشترين في الحالة الثانية، واذا اشترى الواحد للجماعة ولم يضف إليهم فلا يعتبر هذا تعدداً).
فإذا تحقق سبب الشفعة في الأرض المشتراة كلها بالنسبة للشفيع فأنه يجب عليه إذا أراد الشفعة ان يطلب الشفعة في الارض كلها ، فلا يجوز له أن يطلب الشفعة في بعض الأرض كنصفها أو ربعها أو الجزء الملاصق للارض المملوكة له، وقد عبر النص القانوني السابق ذكره عن منع الشفعة في بعض الأرض المشترى بالقول أن: (الشفعة لا تقبل التجزئة)، ولذلك قضى الحكم محل تعليقنا بسقوط حق الشفيع في طلب الشفعة ، لأنه قد علم بالشراء في حينه ولكنه تراخى عن طلب الشفعة في الوقت المحدد وهو ثلاثة أيام من تاريخ علمه بالشراء ، والدليل على علمه بالشراء أنه طلب الشفعة في بعض العين وفي مواجهة احد المشترين فقط.
وقد أخذ القانون اليمني في عدم قبول الشفعة في بعض العين المشتراة بقول غالبية الفقه الإسلامي الذي ذهب إلى هذا المذهب.
الوجه الثاني: مدى جواز تصحيح الشفيع لطلب الشفعة خلال مدة الشفعة:
ذهب الفقه الإسلامي إلى أنه يجوز للشفيع أن يصحح طلب الشفعة خلال مدة الشفعة (ثلاثة أيام من تاريخ العلم بالشراء)، وتطبيقا لذلك فأنه يجوز للشفيع الذي سبق له أن طلب الشفعة في بعض العين يجوز له أن يصحح طلبه، بـأن يطلب مرة أخرى الشفعة في العين كلها ، طالما أنه قد قام بتقديم طلبه المصحح خلال المدة المحددة لقبول طلب الشفعة، بيد أن القانون المدني اليمني لم يتعرض لهذه المسألة، ومع ذلك فليس هناك مانع قانوني من تقديم الشفيع لطلب جديد مصحح خلال الفترة المحددة لقبول طلب الشفعة، فطالما أنه يجوز للشفيع أن يطلب الشفعة إبتداء خلال مدتها فأنه يجوز له تصحيح طلبه السابق، وكقاعدة عامة يجوز للشفيع أن يصحح طلبه الشفعة طالما انه قدم الطلب المصحح خلال الميعاد.
فوجود خطأ في طلب الشفعة لا يعني سقوط حق الشفيع في طلب الشفعة من جديد طالما أن مدة الشفعة مازالت قائمة.
الوجه الثالث: طلب الشفعة من بعض المشترين للعين المشفوعة:
نصت المادة (1277) مدني في نهايتها على أنه (أو تعدد المشترون فيجوز للشفيع طلب الشفعة فيما قام به سببها في الحالة الأولى وطلب نصيب بعض المشترين في الحالة الثانية).
من خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر أنه قد اشترط لقبول طلب الشفعة أن يطلب الشفيع الشفعة من جميع المشترين للعين الواحدة إذا تحقق سبب الشفعة بالنسبة لهم جميعاً ، فأن لم يتحقق سبب الشفعة إلا بالنسبة لبعضهم فأن الشفيع لا يملك توجيه طلب الشفعة إلا إلى من تحقق سبب الشفعة بالنسبة له.
وإشتراط توجيه طلب الشفعة للمشترين المتعددين العين الواحدة يعد أيضاً تطبيقا لمبدأ عدم تجزئة الشفعة الذي استهل به نص المادة (1277) مدني السابق ذكره.
ومع ذلك فانه يحق للشفيع ان يصحح طلب الشفعة إذا كان قد سبق له تقديم طلب الشفعة إلى بعض المشترين فقط دون بعضهم الآخر إذا كان سبب الشفعة متحقق فيهم جميعاً شريطة ان يتم تقديم طلب الشفعة الصحيح خلال المدة القانونية المحددة لطلب الشفعة وهي ثلاثة أيام من تاريخ العلم بالشراء، والله اعلم.
تعليقات
إرسال تعليق