متى لا يكون ترك الزوجة لمنزل الزوجية نشوزاً

 *متى لا يكون ترك الزوجة لمنزل الزوجية نشوزاً؟*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*


▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

المقرر شرعا وقانوناً انه يجب على الزوجة الانتقال إلى منزل الزوجية وعدم الخروج منه الا لعذر شرعي أو بحسب ما يقتضيه العرف أو بإذن زوجها ،  فإذا تركت الزوجة منزل الزوجية من غير عذر شرعي اومن غير إذن زوجها وفي الأحوال التي يَقتضيها العرف فإن الزوجة تكون في الحالة ناشزاً، وكذلك تكون ناشزاً إذا تركت منزل الزوج لسبب تافه، ومن المعلوم ان من آثار نشوز الزوجة سقوط نفقتها ، بيد أن ترك الزوجة لمنزل الزوجية بسبب مواظبة الزوج على ضربها أو شتمها أو إهانتها أو عدم الإنفاق عليها او عدم توفر الشروط الشرعية في السكن لا يكون نشوزاً، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-9-2012م في الطعن رقم (50254) المسبوق بالحكم الابتدائي الذي قضى بأن (الثابت في أوراق القضية أن سبب مغادرة المدعية بيت الزوجية إلى بيت ابيها هو إعسار المدعى عليه زوجها عن الإنفاق عليها وعدم توفيره المسكن الشرعي لزوجته المدعية  الذي تأمن فيه على نفسها ومالها، مما يدل على أن مغادرة المدعية بيت الزوجية إلى بيت ابيها كان سبباً شرعياً مما يقتضي القول بإستحقاق الزوجة المدعية للنفقة الشرعية)، وعند إستئناف الحكم الابتدائي أمام الشعبة الشخصية الاستئنافية قضت الشعبة بتأييد الحكم الابتدائي وإعتبار أسباب الحكم الابتدائي أسباباً للحكم الاستئنافي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((وبالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب الحكم الاستئنافي وعريضة الطعن فقد تبين للدائرة: أن الأسباب التي توصلت إليها محكمة الاستئناف في حكمها بتأييد الحكم الابتدائي أسباب قانونية صحيحة لما استندت إليه وعللت به، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي جاء موافقاً للشرع والقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الأول: معنى نشوز الزوجة:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

نشوز الزوجة: هو ترفعها وتكبرها على زوجها وإمتناعها عن القيام بواجباتها الزوجية المقررة في المادة (40) أحوال شخصية التي نصت على انه (للزوج على الزوجة حق الطاعة فيما يحقق مصلحة الاسرة على الاخص فيما يلي: -1- الانتقال معه الى منزل الزوجية مالم تكن قد اشترطت عليه في العقد البقاء في منزلها اومنزل اسرتها فيكون عليها تمكينه من السكن معها والدخول عليها. -2- تمكينه منها صالحة للوطء المشروع في غير حضور احد. -3- امتثال امره والقيام بعملها في بيت الزوجية مثل غيرها. -4- عدم الخروج من منزل الزوجية الا بإذنه وليس للزوج منع زوجته من الخروج لعذر شرعي او ما جرى به العرف بمثله مما ليس فيه الاخلال بالشرف ولا بواجباتها نحوه وعلى الاخص الخروج في اصلاح مالها او اداء وظيفتها، ويعتبر عذرا شرعيا للمرأة خدمة والديها العاجزين وليس لهما من يقوم بخدمتهما او احدهما غيرها)، ومن خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر أن من ضمن واجبات الزوجة (-4- عدم الخروج من منزل الزوجية إلا بإذنه وليس للزوج منع زوجته من الخروج بعذر شرعي أو ما جرى العرف بمثله مما ليس فيه الإخلال بالشرف ولا بواجباتها نحوه...إلخ)، فإذا خرجت الزوجة من منزل الزوجية لعذر شرعي أو لزيارة والديها واقاربها وصديقاتها للتعزية أو حفلات الزفاف فلا يكون ذلك نشوزاً، وكذا إذا خرجت في إصلاح مالها أو أداء وظيفتها المتفق عليها وكذا إذا خرجت لرعاية والديها العاجزين. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثاني: خروج الزوجة من بيت الزوجية بسبب إمتناع الزوج عن القيام بواجباته إزائها لا يكون نشوزاً:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

حددت المادة (41) أحوال شخصية واجبات الزوج لزوجته، فقد نصت هذه المادة على أنه (يجب على الزوج لزوجته ما يلي: -1- اعداد سكن شرعي مما يليق مثله من مثله. -2- نفقة وكسوة مثلها من مثله. -3- العدل بينها وبين سائر زوجاته اذا كان للزوج اكثر من زوجة. -4- عدم التعرض لأموالها الخاصة. -5- عدم اضرارها ماديا او معنويا)، فإذا لم يقم الزوج بأي من الواجبات المقررة عليه في النص السابق  وبسبب ذلك تركت الزوجة منزل الزوجية فإن خروجها  في هذه الأحوال وتركها منزل الزوجية وإقامتها في منزل أهلها لا يكون نشوزاً بل يكون عملاً مشروعاً، لأن السبب الذي دفعها لترك المنزل غير مشروع، فإمتناع الزوج عن الإنفاق عليها أو توفير السكن الشرعي لها يعد تركاً لواجب على الزوج ، ولذلك يحق للزوجة ترك منزل الزوجية فلا تكون ناشزاً حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. 

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

*▪️

الوجه الثالث: عدم تطبيق أحكام النشوز عند ترك الزوجة لمنزل الزوجية بسبب عدم قيام الزوج بواجباته المقررة للزوجة:*

▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂


▪️

إذا ثبت أن الزوجة قد تركت منزل الزوجية بسبب إمتناع الزوج عن النفقة عليها أو عدم إعداد السكن الشرعي اللازم لها أو عدم قيامه بكسوتها أو إذا لم يعدل الزوج  بينها وبين زوجاته الأخريات أو قام الزوج بالتعرض لأموالها الخاصة والإستيلاء عليها أو قام بالأضرار المادي والمعنوي بها كضربها أو شتمها، ففي هذه الأحوال لا يكون  ترك الزوجة لمنزل الزوجية نشوزاً، وتبعاً لذلك لا يسقط أي حق من الحقوق المقررة للزوجة السابق ذكرها في المادة (41) أحوال شخصية، فلا يسقط حق الزوجة في النفقة أو السكن وغير ذلك من الحقوق، والله اعلم. 

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني