الوقت اللازم لتطبيق مبدأ المواجهة

 *الوقت اللازم لتطبيق مبدأ المواجهة في القانون اليمني*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️لا يكفي لتطبيق مبدأ المواجهة ان يتم مواجهة الخصم بالأدلة والمذكرات وتقارير الخبراء وغيرها، بل يجب ان تمنح المحكمة الخصم الوقت المناسب والكافي لدراسة تلك التقارير والأدلة وغيرها والرد عليها والبحث عن مستنداته المؤيدة لرده على الادلة التي تمت مواجهته بها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-3-2017م في الطعن رقم (58864)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أنه قد تبين للدائرة ان الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه أنه لم يقم بتسليمه تقرير المحاسب بل تمت قراءة التقرير في الجلسة ذاتها التي طلبت المحكمة فيها من الخصوم تقديم اعتراضاتهم على التقرير ان أرادوا ذلك، كما ذكر الطاعن أنه قدم في الجلسة ذاتها مستندات تفيد ان له بذمة المطعون ضده مبالغ لم يتم إحتسابها في تقرير المحاسب المشار إليه، وبعودة الدائرة إلى الأوراق لم تجد في محاضر جلسات المحاكمة ما يفيد تسليم الخصوم صور من تقرير المحاسب الذي استندت إليه الشعبة في حكمها لتقديم إعتراضاتهم عليه إن أرادوا ذلك، حيث ورد في محضر جلسة.... ان الطاعن قدم مستندات تفيد بأن له مبالغ بذمة المطعون ضده الذي أقر ببعض تلك المستندات وانكر بعضها الأخر، ومع ذلك لم تبين الشعبة المستندات التي اقرها المطعون ضده وتلك التي انكرها، كما ان الشعبة لم تستجوب الاطراف بشأن المستندات التي أنكرها المطعون ضده، كما ان الشعبة لم تكلف الطاعن الذي قدم تلك المستندات بإقامة البرهان عليها، الأمر الذي يترتب عليه قبول الطعن جزئياً وإعادة الأوراق إلى الشعبة لبحث المستندات محل إنكار المطعون ضده)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: ماهية مبدأ المواجهة:*

➖➖➖➖➖


*▪️مبدأ المواجهة يعني أنه ينبغي أن تتم مواجهة الخصم بكل ما يقدمه خصمه الاخر من مذكرات أو أدلة أو مستندات، وذلك في جلسات المحاكمة العلنية التي تعقدها المحكمة، وكذا مواجهته بكل أقوال خصمه في جلسات المحكمة، بالإضافة إلى أن من مقتضيات مبدأ المواجهة ان تتم إجراءات المحاكمة بحضور الخصم أو وكيله، ومن هذه الإجراءات المعاينة والإستماع إلى أقوال الشهود والبراء، ويلحق بذلك وجوب مواجهة الخصم بتقارير الخبراء.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: مكانة مبدأ المواجهة ضمن المبادئ القضائية:*

➖➖➖➖➖


*▪️نص قانون المرافعات في المادة (19) على أنه: (يجب على القاضي المحافظة على مبدأ المواجهة اثناء التقاضي ويضمن احترامه بين الخصوم) حيث وردت هذه المادة ضمن الفصل الخاص بالمبادئ الحاكمة للتقاضي، وفي ذلك دليل على مكانة وموقع مبدأ المواجهة بإعتباره ضمانة من أهم ضمانات المحاكمة العادلة، حيث يستطيع القاضي عن طريق تطبيق مبدأ المواجهة ان يقف على وجهات نظر الخصوم من الأدلة والمذكرات والتقارير وأقوال خصومهم فيستبين القاضي الحقيقة من خلال تبادل المذكرات والأقوال والردود بين الخصو،  فيكون الحكم القضائي عنواناً للحقيقة، وعلى هذا الأساس فإن مبدأ المواجهة من النظام العام الذي يجب على القاضي ان يحميه بإعتبار القاضي حارساً وحامياً للنظام العام، كما أن مبدأ المواجهة يجعل الخصم يقف ويتحقق من دعاوى وطلبات ودفوع واقوال وأدلة خصمه حيث يتحقق الخصم منها ويبين حقيقتها بعد ان يقوم بدراستها وتمحيصها حتى لا يفاجأ الخصم بطلبات أو أدلة أو غيرها من غير ان يقف عليها ويعلم حقيقتها، وكذا فإن التطبيق الجيد لمبدأ المواجهة ينزه القاضي من الشبهات والشكوك والمخاوف.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: الوقت ومقتضيات تطبيق مبدأ المواجهة:*

➖➖➖➖➖


*▪️اشرنا فيما سبق إلى مقتضيات تطبيق مبدأ المواجهة، والوقت عامل مهم في تطبيق مبدأ المواجهة، فلا يكفي ان تتم مواجهة الخصم بما يقدمه خصمه أو الأدلة أو التقارير وإنما يجب ان تتم المواجهة في وقت كافٍ مناسب يتمكن فيه الخصم من دراسة التقارير والمذكرات أو الرد على الشهود، فينبغي ان تمنح المحكمة الخصم الوقت الكافي واللازم لدراسة ما يقدمه خصمه حتى يتمكن خلال هذا الوقت من دراسة المذكرات وغيرها والرد عليها، وإن يتمكن خلال هذا الوقت من الاستعانة بالمستشارين والخبراء والمراجع اللازمة  وان يبحث الخصم خلال هذا الوقت عن الأدلة والشواهد اللازمة المؤيدة لرده أو تعقيبه أو ابداء الملاحظات على التقارير، فالمواجهة ليست فقط مطالعة او تلاوة لما يقدمه الخصم في الجلسة والرد عليه في الجلسة ذاتها، كما انها ليست إستماع الخصم لتلاوة القاضي لتقرير الخبير أو المذكرة المقدمة من الخصم، وإنما من مقتضيات المواجهة ان يتمكن الخصم من دراسة مذكرات خصمه أو أقواله أو تقارير الخبراء في متسع من الوقت وفي مكان هادئ يستطيع فيه تحضير دفاعه وردوده على ما قدمه خصمه، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد نقض الحكم الاستئنافي الذي أستند إلى تقرير الخبير الذي اكتفى القاضي بتلاوته في الجلسة ثم طالب من الخصوم في الجلسة  ذاتها ان يقدموا ملاحظاتهم على تقرير الخبير ان كانت لهم ملاحظات، من غير ان يسلمهم نسخ من التقرير ومن غير ان يمنح الخصوم الوقت الكافي واللازم لدراسة التقرير وتقديم ملاحظاتهم عليه.*


➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الرابع: وجوب المناقشة التفصيلية للمستندات محل الخلاف بين الخصوم:*


➖➖➖➖➖


*▪️من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد أن جانب من أسبابه قد كانت تخطئة الحكم الاستئنافي المنقوض، لأنه لم يناقش المستندات التي كانت محل خلاف بين الخصوم التي انكرها المطعون ضده، فإنكار الخصوم لتلك المستندات جعلها محل خلاف بين الخصمين فلاتتوفر لدى القاضي المعلومات اللازمة عن تلك المستندات وما اذا كانت جديرة بالإعمال او الإهمال ، فكان الواجب على محكمة الاستئناف ان تستجوب الخصمين بشأن تلك المستندات حتى تقف على الحقيقة، فقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى ان مناقشة الحكم الاستئنافي لتلك المستندات كانت عامة ومجملة، في حين أنه كان من الواجب على الحكم الاستئنافي ان يناقش تلك المستندات مناقشة تفصيلية طالما وإنها محل خلاف حيث انكرها أحد الخصمين، والله اعلم.*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني