متى يكون العقد حجة للغير
متى يكون العقد حجة للغير؟
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪️الأصل أن حجية العقد قاصرة على أطرافه وخلفهم العام والخاص، فلا يجوز لأطراف العقد الإحتجاج به في مواجهة غيرهم، ولايجوز للغير ان يحتج بالعقد في مواجهة اطرافه اي مطالبة اطراف العقد بتنفيذ الالتزامات الواردة في العقد ، غير انه يجوز للغير إذا تعلق حقه بما ورد في العقد فيحق له ان يحتج بما ورد في العقد في مواجهة اطراف العقد باعتبار ان ماورد في العقد بمثابة اقرار من المتعاقدين تم التوقيع عليه من قبلهم ، وبالإضافة إلى ذلك هناك حالات يجوز فيها للغير أن يحتج بما ورد في العقد مثل حالة الإشتراط للغير كالتأمين لحساب الغير أي غير المؤمن، وكذا إذا تضمن العقد الإتفاق بين الورثة أو الشركاء أو المدينين على سداد دين أو إعادة مال أو حق لصاحبه ، فذلك يعد إقرارا بالدين المستحق لغيرهم أو جق الغير ، فيجوز للغير الاحتجاج بما ورد في العقد والمطالبة بحقه المثبت بالعقد مع انه ليس طرفا في العقد ، حسبما اشار الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-5-2010م في الطعن رقم (40076)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (والدائرة تجد: أنه في هذه المسألة يمكن سريان حكم المادة (215) مدني بأن العقد لا يوجب إلتزاماً على الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً ، ومن ثم فالصفة في المطالبة بتنفيذ حكم التحكيم بالصلح لا تتحقق بالنسبة لطالبي التنفيذ الطاعنين وإنما يمكن أن تتحقق بالنسبة للدائن طالما أن هناك نزاعاً قضائياً بين المدينين الطاعنين)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
➖➖➖➖➖
الوجه الأول: نسبية حجية العقد بصفة عامة:
➖➖➖➖➖
▪️نصت المادة (13) من القانون المدني اليمني على أن (العقد ملزم للمتعاقدين) ، ومع ذلك فإن آثار العقد تنصرف إلى (العاقدين وإلى الورثة) حسب ما ورد في المادة (206) مدني ، وإذا تعلقت الإلتزامات العقدية بشيء أو مال معين فإن آثار العقد تنتقل إلى الخلف الخاص الذي انتقل إليه المال أو الشيء حسبما هو مقرر في المادة (207) مدني، وتعد هذه استثناءات على مبدأ نسبية حجية العقد.
➖➖➖➖➖
الوجه الثاني: نسبية حجية عقد الصلح:
➖➖➖➖➖
▪️عقد الصلح: عقد يتم بموجبه حسم الخلاف القائم بين أطرافه، ويكون عقد الصلح سنداً تنفيذياً إذا تم إثباته في محضر جلسة المحاكمة وصادقت عليه المحكمة، وعندئذٍ يجوز اللجوء إلى القضاء للأمر بتنفيذه جبراً إذا لم يتم تنفيذه إختيارا.
وعقد الصلح باعتباره عقدا تكون حجيته نسبية على اطرافه على النحو السابق بيانه في الوجه الأول، غير أنه إذا تضمن عقد الصلح إقرار أطرافه جميعهم أو أحدهم بحق للغير كدين أو حق فإن ما ورد في عقد الصلح يكون إقرارا من طرفي العقد بالحق أو الدين المستحق للغير، ولذلك فإنما ورد في عقد الصلح يكون حجة للغير صاحب الحق، فيجوز له الاحتجاح بماورد في العقد في مواجهة أطراف العقد أو الطرف الذي اقر ، مع أن الغير ليس طرفا في العقد .
وقد ألمح الحكم محل تعليقنا إلى أنه يحق للغير الذي اكتسب حقاً بموجب عقد الصلح أو حكم التحكيم بالصلح يحق له أن يتدخل في إجراءات التنفيذ الجبري لعقد الصلح أو لحكم التحكيم بالصلح إذا تعلق حقه بموجب عقد الصلح أو حكم التحكيم طالما أن إجراءات التنفيذ الجبري قائمة أمام قاضي التنفيذ .
➖➖➖➖➖
الوجه الثالث: التكييف القانوني لتعلق حق الغير بالعقد:
➖➖➖➖➖
▪️ذكرنا في الوجهين السابقين أن حجية العقد نسبية على أطرافه، غير أن الغير قد يكتسب حقاً بموجب ذلك العقد ،كما لو قام الورثة أو الشركاء بالإتفاق فيما بينهم على إخراج الديون المتعلقة بالتركة أو الشركة، أو قام أحد المتعاقدين بالإشتراط لمصلحة الغير، ففي هذه الأحوال يكون العقد حجة للغير يحق له أن يطالب بحقه بموجب ذلك العقد مع انه لم يكن طرفاً فيه.
ويختلف تكييف حق الغير في العقد بحسب ما ورد في العقد، فإذا كان العقد بين ورثة أو شركاء على تسديد ديون وتكليف بعضهم بسدادها فإن ذلك يكون إقرارا من المتعاقدين بالديون المستحقة على التركة أو الشركة، وإذا تضمن العقد شرطا يتضمن حقاً للغير من غير أن يكون ديناً سابقاً فإن ذلك من قبيل الإشتراط لمصلحة الغير، والله أعلم.
تعليقات
إرسال تعليق