معنى الدفع بعدم توجه الدعوى
معنى الدفع بعدم توجه الدعوى
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون
جامعة صنعاء
نصت المادة (186) من قانون المرافعات اليمني النافذ على أن (تعتبر من النظام العام الدفوع الآتية:③- الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي)،وفي الواقع العملي يتم الخلط بين هذا الدفع والدفع بعدم الصفة الشخصية للخصم الذي يندرج ضمن شروط الدعوى أي أن الدفع بعدم الصفة الشخصية للخصم يندرج ضمن الدفع بعدم صحة الدعوى المذكورة في البند (②) من المادة (186) مرافعات السابق ذكرها، ونلاحظ الخلط من خلال مطالعتنا لأحكامٍ كثيرة،ولاريب ان سبب هذا الخلط يرجع إلى ان صياغة هذا الدفع في قانون المرافعات اليمني القديم (1992) اكانت تجيز للخصم ان يدفع بعدم صفته الشخصية ضمن الدفع بعدم توجه الدعوى ، فقد كانت المادة (138) من قانون المرافعات اليمني القديم (1992م) تنص على أنه (يجوز في أية حالة كانت عليها الدعوى إبداء الدفوع الآتية:③-الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً فيها أو ليس أهلاً للخصومة)وعند تعديل قانون المرافعات عام (2002) تم تعديل صيغة هذا الدفع حتى يكون الدفع بعدم صفة الشخص نفسه ضمن الدفع بعدم صحة الدعوى وليس ضمن الدفع بعدم توجه الدعوى حسبما هو ظاهر في صيغة الدفع بعدم توجه الدعوى في القانون النافذ وعلى هذا الأساس فقد صار معنى هذا الدفع في القانون النافذ واضحا ،فالدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي قد تم تضمينه في القانون النافذ الكلمات المناسبة التي تدل على أن هذا الدفع يصدر من المدعى عليه الذي توجه إليه الدعوى على أساس أنه ولي أو وصي عن القاصر أو وكيل شرعي عن غيره أو ممثل قانوني للشخص الإعتباري أو وكيلا أو منصوبا عن غيره وهو ليس كذلك أوحينما يتم توجيه الدعوى إلى شخص ليس أهلاً للتقاضي كالقاصر،وكذلك الحال إذا تم توجيه الدعوى من المدعى باعتباره وليا عن غيره أو وصيا أو وكيلا أو منصوبا عن غيره وهو ليس كذلك وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-6-2010م في الطعن رقم (43478)،وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه:((وقد قامت الدائرة بدراسة عريضة الدفع المقدم من الطاعن أمام محكمة أول درجة لمعرفة نوع الدفع حيث وجدت الدائرة أن: الطاعن قد أطلق على دفعه(دفعنا بعدم صفة موكلنا في توجيه الدعوى ضده كونه ليس خصماً شرعياً للمدعية)مما يُفهم منه أن الدفع يقوم على نفس صفة الخصم الشرعي عن المدعى عليه مقدم الدفع ❁أي أن المدعى عليه قد دفع الدعوى لعدم جواز توجهها ضده لإنتفاء صفة الخصم الشرعية فيه بحسب ما ورد في عريضة الدفع – والبند الوحيد الوارد في المادة (186) مرافعات الذي ينظم احكام توجه الدعوى هو البند (3) التي نصت على③-الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي)،ومن ثم يظهر لأي مطلع أن الدافع لم يقم دفعه بعدم توجه الدعوى بما يطابق الأحكام الواردة في الفقرة (3) من المادة (186)مرافعات التي تنظم الدفع بعدم توجه الدعوى ولكن الدافع ابتسر النص القانوني بتوقفه عند عبارة (لكون الدافع ليس خصماً شرعياً)،في حين أن التوصيف الصحيح وفقاً للنص للخصم الشرعي في هذا الدفع هو الخصم الذي لا ولاية له للتقاضي عن غيره فيها أو للخصم الذي ليس لديه أهلية قانونية للتقاضي))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
◐الوجه الأول: الخلط بين الدفع بعدم توجيه الدعوى والدفع بعدم الصفة الشخصية للخصم نفسه: نصت المادة (138) من قانون المرافعات اليمني القديم (1992م) على أنه (يجوز في أية حالة كانت عليها الدعوى إبداء الدفوع الآتية:3- الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً فيها أو ليس أهلاً للخصومة)، ثوهذا النص هو سبب الخلط بين الدفع بعدم صحة الدعوى الذي يندرج ضمنه(الدفع بعدم الصفة الشخصية للخصم نفسه)وبين الدفع بعدم توجيه الدعوى،لأن هذا النص قد تضمن عبارة(ليس خصماً شرعياً فيها)- أي أن المقصود بالخصم في هذا الدفع هو الشخص الذي توجه إليه الدعوى بشخصه وصفته وليس بصفته ولياً أو وصياً أو وكيلا أومنصوبا عن غيره وفي تعديل قانون المرافعات عام(2002م) نصت المادة (186) مرافعات على أن (تعتبر من النظام العام الدفوع التالية:
3- الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي)،.وعند تعديل قانون المرافعات(2010م)ظلت صيغة هذا النص كما هي في تعديل(2002م)، وبناءً على ذلك فقد اعتاد بعض الخصوم خلال فترة سريان قانون المرافعات القديم على إستعمال الدفع بعدم توجه الدعوى إذا لم تكن لهم صفة شخصية في التقاضي ، لأن النص الوارد
في قانون(1992م) كان يسمح بذلك.
وكانت صيغة الدفع في قانون (1992م) تحدث الخلط بين الدفع بعدم صحة الدعوى بإعتبار الصفة الشخصية للخصم من شروط الدعوى ولذلك فإن الدعوى تكون غير صحيحة إذا لم تتحقق الصفة في المتداعين،وبسبب الخلط بين الدفعين فقد تم تعديل صيغة الدفع بعدم توجه الدعوى عام(2002م)حتى يكون الدفع بعدم توجه الدعوى قاصراً على حالتين هما: ✵الحالة الأولى: عندما يكون أحد المتداعين ليس ولياً أو وصياً أو وكيلاً شرعياً أو نائباً قانونياً أومنصوبا عن غيره.
✵والحالة الثانية: حينما يكون أحد المتداعين ليس أهلاً للتقاضي كالطفل والمجنون والسفيه والمحجور عليه الممنوع من التصرف.
وبناءً على ذلك فقد أزال تعديل قانون المرافعات(2002م) الخلط الذي كان قائماً بين الدفعين: الدفع بعدم توجه الدعوى والدفع بعدم صحة الدعوى (الدفع بعدم صفة الخصم الشخصية).
◐الوجه الثاني: ماهية الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي وتوصيتنا للمقنن اليمني:تمت صياغة هذا النص بهذه الصيغة في تعديل قانون المرافعات(2002م) حسبما سبق بيانه وبقت صيغته على هذا النحو في القانون النافذ.
ومعنى هذا الدفع حسبما هو ظاهر من صيغته كما يأتي:-
⓵.النص يشمل المتداعين في الدعوى أو الخصومة،لأن النص قد ورد بصيغة العموم وهي النكرة في سياق النص (أحد المتداعين) وهذا يعني أن النص يشمل المدعي والمدعى معا ، فالمدعى عليه يستطيع الدفع بعدم توجه الدعوى إليه لأنه ليس خصماً شرعياً أي ليس ولياً عن غيره بموجب القانون أو ليس وصياً على الغير أو ليس ممثلاً قانونياً عن الشخص الإعتباري، كما أن المدعى عليه يستطيع الدفع بهذا الدفع إذا كان المدعي نفسه ليس ولياً أو وصياً أو ممثلاً قانونياً للغير الذي قام بتوجيه الدعوى نيابة عنه.
②.معنى (ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي) معنى ذلك أن المدعى عليه يستطيع دفع الدعوى بعدم توجهها إذا لم يكن المدعي نفسه ولياً بموجب القانون الذي يحدد الولاية عن الأشخاص، وهو قانون الأحوال الشخصية، فالولي يستمد ولايته من القانون كالأب والجد...إلخ، والولاية على الغير لاتكون الا على القاصرين كالمجنون والصغير،فإذا لم يكن من وجه الدعوى إلى المدعى عليه ولياً شرعياً أو قانونياً فيحق للمدعى عليه أن يدفع الدعوى في هذه الحالة بعدم توجهها من المدعي،والعكس صحيح، بمعنى أن المدعى عليه نفسه إذا لم يكن ولياً شرعياً عن القاصر فيحق له دفع الدعوى بعدم توجهها إليه، لأنه ليس ولياً شرعياً عن القاصر.(الولاية على الطفل في القانون اليمني،ا.د عبد المؤمن شجاع الدين ، ص27) .
③.يندرج في معنى الولاية الشرعية عن الغير الواردة في النص السابق الوصاية عن الغير كالصبي والمجنون فالوصاية تكون صادرة من الولي الشرعي الذي يقيم فيها الوصي عن القاصرين الذين يتولاهم،والقول في الوصاية كالقول في الولاية السابق ذكره في الفقرة السابقة.
④.وردت صيغة الدفع بعدم توجه الدعوى بصيغة عامة تشمل كل من ليس له ولاية التقاضي عن غيره، ومؤدى ذلك أن المنصوب من القضاء للقيام بشئون القاصرين ومن في حكمهم كالمفقودين والغائبين يدخل في معنى من ليس له ولاية التقاضي عن غيره، والقول في المنصوب في هذا الشأن كالقول في الولي الشرعي السابق بيانه(رقابة القضاء على أموال القاصرين، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص23).
⑤.الوكيل الشرعي الذي تتضمن الوكالة الصادرة له من الأصيل مباشرة إجراءات التقاضي عنه يندرج أيضا ضمن مفهوم من ليس له ولاية التقاضي عن غيره المذكور في النص السابق ، فقد وردت صيغة الدفع بعدم توجه الدعوى بصيغة عامة تشمل كل من ليس له ولاية التقاضي عن غيره، والقول في الوكيل كالقول في الولي السابق بيانه.
⑥.الممثل القانوني الذي يمثل غيره أمام القضاء، كالممثل القانوني للشركات والجمعيات والمؤسسات والهيئات والأشخاص الإعتبارية التي تتمتع بالشخصية الإعتبارية المستقلة، فالممثل القانوني للغير يندرج أيضا ضمن مفهوم من ليس له ولاية التقاضي عن غيره المذكور في النص السابق ، فقد وردت صيغة الدفع بعدم توجه الدعوى بصيغة عامة تشمل كل من ليس له ولاية التقاضي عن غيره، والقول في الممثل القانوني للأشخاص الإعتبارية، كالقول في الولي السابق بيانه في الفقرة (2) من هذا الوجه.
⑦.معنى(ليس أهلا للتقاضي)أي لم تتوفر فيه الاهلية الشرعية والقانونية لمباشرة اجراءات التقاضي مثل المجنون والطفل والسفيه والمحجورعليه الممنوع من التصرف ،لان المادة (5) من قانون الاثبات اليمني قد نصت على أنه (يشترط في المدعي ان يكون مكلفا او مميزا ماذونا مالكا أو متوليا أو وكيلا)،وهذا النص قاصر، اذ اشترط اهلية التقاضي في المدعي فقط واغفل المدعى عليه ، مع انه من المجمع عليه انه يشترط في المدعى عليه ان يكون أهلا للتقاضي مثله في ذلك مثل المدعي ولذلك فإننا نوصي المقنن اليمني بإستدراك هذا القصور. (خصوصية قضاء الأحداث ،ا. د.عبد المؤمن شجاع الدين، ص 32)، والله أعلم.
تعليقات
إرسال تعليق