اثبات الملكية بالوثائق القديمة الوجائد

 إثبات الملكية بالوثائق القديمة

أ.د عبد المؤمن شجاع الدين

من الإشكاليات الواقعية والعملية إثبات ملكية العقارات باليمن نظرًا لحداثة نظام الشهر العقاري ولعدم وجود

سجل عقاري او سجل عيني للعقارات إضافة الى تعدد وتنوع وثائق إثبات الملكية فضلاً عن سهولة تزوير

وتقليد الوثائق القديمة لوفاة محرري تلك الوثائق واختلاف أسماء المواضع والاملاك والتغير في مساحاتها

وحدودها ومسمياتها، واستشعارًا من القضاء في اليمن لهذه الإشكاليات ودوره في معالجتها فقد استقرت

احكام القضاء في اليمن على عدم إثبات ملكية العقارات بالوثائق القديمة بإعتبارها (وجائد) اذا كانت هذه

الوثائق مجردة عن الثبوت والحيازة أي اذا كان المتمسك بهذه الوجائد لا يحوز العقار حسبما يرد في احكام

القضاء باليمن، وفي هذا الشأن صدرت عن المحاكم اليمنية احكام كثيرة تدل قطعًا على ان هنا الأمر قد استقر

لدى القضاء اليمني وتكفي الإشارة الى ان المحكمة العليا باليمن قد اصدرت اكثر من (37 (حكمًا في هذه

المسألة، ومن ذلك الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7/9/1999م

في الطعن المدني رقم (677 (لعام 1420هـ، وخلاصة أسباب هذا الحكم (اما في الموضوع فقد تبين للدائرة

ان البصيرة المؤرخة 1392هـ المبرزة من المدعين قديمة التاريخ مجردة عن ثبوت أيديهم لمدة طويلة فلم

يقدموا مايدل على حيازتهم او ثبوتهم او استقرار ثبوتهم ومعلوم شرعًا وقانونًا ان الوثائق القديمة لا يعمل بها

اذا كانت مجردة من الثبوت حيث تعد وجائد لا يعمل بها ولا حجة لها الا اذا كانت مؤيدة بالثبوت) وسيكون

تعليقنا على هذا الحكم بحسب الوجوه الآتية:

الوجه الأول: مفهوم الوجائد او الوثائق القديمة:

أشار الحكم محل تعليقنا الى هذه الوثائق وذكر انه لا يتم العمل بها او الاحتجاج بها مالم تكن الأملاك التي

تحكيها بحيازة المحتج بتلك الوثائق، وذلك يقتضي الإشارة بإيجاز الى مفهوم هذه الوثائق القديمة او الوجائد،

فالمعيار المقرر لتحديد الوجائد التي لا حجة لها في إثبات الملكية هو المعيار الزمني فالوثائق تكون قديمة

(وجائد) اذا مضت مدة من الزمن تزيد على ثلاثين سنة على انشاء او تحرير الوثيقة متى كانت الوثيقة خالية

من الثبوت والحيازة للعقار المذكور فيها، وهذا المعيار حددته المادة (1118 (مدني التي نصت على انه لا

تسمع دعوى الملك من حاضر على ذي اليد الثابتة بعد مضي ثلاثين سنة، مالم تكن هناك قرائن قوية على صدق

الدعوى فتسمع تأكيدًا لحفظ الحقوق، فالوثائق القديمة تكون وجائد لا يحتج ولا يعمل بها اذا مضت على

تحريرها المدة المشار اليها طالما والعقار ليس في حيازة المحتج بهذه الوثائق الا اذا كانت هناك قرائن قوية

حسبما ورد في النص القانوني مثل قرينة ان يكون الحائز الفعلي للعقار من أهل النفوذ والشر الذي يمنع

الضعيف من المطالبة بحقه او ان يكون الحائز للعقار ممن استشهر بين الناس بالبسط والغصب لأموال الناس

او(التهبش) او ان يكون المحتج بالوثيقة القديمة مسجونًا او غائبًا، ومن القرائن ان يكون الحائز الفعلي هو

الذي قام بالحيازة ولم تنتقل له الحيازة من اسلافه.

الوجه الثاني: أنواع الوجائد التي لا يعمل بها ولا يحتج بها:

أشار الحكم محل تعليقنا الى بصيرة تم تحريرها عام 1392هـ مجردة من الثبوت او الحيازة ولكن الغالب في

الوجائد التي يتم ابرازها امام القضاء هي فصول قسمة التركات او وثائق المناقلة والمخارجة في العقارات

بالإضافة الى وثائق الوصايا والاجارات او أمهات الوثائق، لان هذه الوجائد لا يحرص المشتري للعقار على

المطالبة بها عند انتقال العقار اليه حيث يقوم من يجد هذه الوثائق باستخدامها في مواجهة الحائز ، ولذلك

يستطيع القاضي اكتشافها عند مقارنتها بالوثائق التي يحتج بها الحائز من حيث تاريخ تحريرها فعندئذ يجد

القاضي ان الوجائد سابقة في تاريخها على المحرر الذي يتمسك بها الحائز كما قد تكون الوجائد محررات تالية

لتاريخ الوثيقة التي يتمسك بها الحائز، فقد يقوم المنازع للحائز بتزويرها وتقليدها مثل صدور وصية بعد بيع

او اجارة بعد بيع او بيع بعد بيع، ولذلك يتمنع اغلب الملاك في اليمن عن ابراز وثائق ملكيتهم حتى امام

القضاء حتى لا يطالعها المتخصصون بالبسط على أراضي الناس (المتهبشون) فيصنعوا وثائق مناقضة لها –

وهذا الامر معلوم ومفهوم في اليمن. والله اعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة خيانة الامانة في القانون اليمني

إستئناف قرارات النيابة العامة

قــرار جمهوري بقانون رقم (14) لسنة 2002م بشــأن قانون مدني